وبالجملة (١) : كثرة الاستعمال في حال الانقضاء تمنع عن دعوى انسباق خصوص حال التلبس من الإطلاق ، إذ (٢) مع عموم المعنى وقابلية كونه حقيقة في
______________________________________________________
وملخصه : أن المشتق لو كان موضوعا للأعم لصح استعماله بلحاظ كل من التلبس والانقضاء في موارد الانقضاء ، وكان الاستعمال على نحو الحقيقة إذ المفروض : أنه للأعم واختصاص المجازية بوضع المشتق. لخصوص المتلبس بالمبدإ وليس الاستعمال في موارد الانقضاء لخصوص المتلبس بالمبدإ فيكون استعماله في موارد الانقضاء مطلقا حقيقة على القول بالأعم ، ومجازا على القول بالأخص ، مع إن الأمر ليس كذلك ؛ فإن استعماله في موارد الانقضاء ، تارة : يكون على نحو الحقيقة ، وهو ما إذا كان بلحاظ حال التلبس. وأخرى : يكون على نحو المجاز ، وهو ما إذا لم يكن بلحاظ حال التلبس ، بل كان بلحاظ حال الانقضاء.
(١) خلاصة ما أفاده المصنف في دفع إشكال المعترض : حيث اعترض على التبادر باحتمال كونه ناشئا من الإطلاق ، فلا يصلح أن يكون علامة للوضع ، لأن التبادر المثبت للوضع هو المستند إلى حاق اللفظ لا إلى إطلاقه.
وحاصل ما ذكره المصنف في دفع هذا الاعتراض : هو أن التبادر الإطلاقي في مورد البحث مشروط بعدم كثرة الاستعمال في موارد الانقضاء ، والمفروض : وقوعها فيها ، ومع ذلك يكون تبادر خصوص حال التلبس متحققا ، فلا محيص عن كونه مستندا إلى حاق اللفظ دون الإطلاق وإلّا لكان المتبادر هو خصوص حال الانقضاء ، لأنه الذي ينصرف إليه إطلاق اللفظ نظرا إلى كثرة الاستعمال في موارده. وعليه : فهذا التبادر من أمارات الوضع ؛ لكونه ناشئا من حاق اللفظ كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٣٨٠» مع تصرف ما.
(٢) أي : قوله : «إذ مع عموم المعنى» ؛ تعليل على الظاهر لقوله : «تمنع عن دعوى ...» إلخ. إلّا إن هذا التعليل لا ينطبق على المدعى. والمعلّل وهو ما تقدم سابقا من عدم كون تبادر حال التلبس من المشتق تبادرا إطلاقيا مع كثرة الاستعمال فيما انقضى عنه المبدأ ، فلا بد أن يكون هذا التعليل تعليلا لمقدر وهو : أن كثرة الاستعمال في موارد الانقضاء لا يستلزم مجازية المشتق في الأكثر ؛ كما ادعاه المتوهم : «إذ مع عموم المعنى ...» إلخ.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة ، وهي : أن المشتق مع فرض وضعه لمعنى عام يكون حقيقة في المنقضي عنه المبدأ بالانطباق ، حيث يكون صادقا على كل من المتلبس والمنقضي ، ومع فرض وضعه لمعنى خاص وهو حال التلبس فيمكن أن يكون الاستعمال حينئذ أيضا على وجه الحقيقة إذا كان الجري بلحاظ حال التلبس. ولا بد من البناء على