أعم من سلب المطلق ـ كما هو واضح ـ فصحة سلبه وإن لم تكن علامة على كون المطلق مجازا فيه ، إلّا إن تقييده ممنوع. وإن أريد تقييد السلب فغير ضائر بكونها (١) علامة ، ضرورة : صدق المطلق على أفراده على كل حال ، مع إمكان منع تقييده (٢) أيضا بأن يلحظ حال الانقضاء في طرف الذات الجاري عليها المشتق ، فيصح سلبه
______________________________________________________
ثم سلب المقيد أعم من سلب المطلق ؛ نظرا إلى ما في علم الميزان من : أن نقيض الأخص أعم من نقيض الأعم. فإن النقيض وهو اللاإنسان أعم من نقيض الحيوان وهو اللاحيوان ، ولذا يصح أن يقال : كل لا حيوان لا إنسان ولا عكس ، وكذلك يقال في المقام : كل من بضارب مطلقا ليس بضارب في حال الانقضاء دون العكس.
وأما إن كان القيد قيدا للسلب : فصحة السلب حينئذ علامة للمجاز ؛ إذ المفروض : أنه يصح سلب الضارب مطلقا عن زيد بلحاظ حال الانقضاء ، ولا ضير في كونها علامة للمجاز ؛ إذ لو كان المنقضي عنه المبدأ من أفراد المطلق لم يصح سلبه عنه لعدم صحة سلب المطلق عن فرده في شيء من الأزمنة ، فصحته دليل على مجازية إطلاق المشتق على المنقضي عنه المبدأ ؛ كما أشار إليه بقوله : «فغير ضائر بكونها علامة» ، ولكن لا دليل لنا على رجوع القيد إلى السلب أيضا أي : كما لا دليل على رجوعه إلى المشتق المسلوب.
فيتعين أن يكون القيد قيدا للموضوع أي : المسلوب عنه ، وهو الاحتمال الثالث ، فيصح حينئذ سلب المشتق مطلقا يعني : في جميع الأزمنة عمن انقضى عنه المبدأ بلحاظ حال الانقضاء فيكون حال الانقضاء ـ في المثال السابق ـ قيدا للموضوع لا للسلب ، ولا للمسلوب ، فيتم ما ذكره المصنف من الاستدلال بصحة السلب على كون المشتق مجازا فيمن انقضى عنه المبدأ.
(١) أي : بكون صحة السلب «علامة» للمجاز ، «ضرورة صدق المطلق» أعني : المحمول وهو المشتق «على أفراده على كل حال» ، أي : في جميع الأزمنة ، فلو سلب المشتق بما له من المعنى عن فرد في حال كان كاشفا عن عدم صدقه على ذلك الفرد في هذا الحال ، وذلك يوجب المجازية ، فقولنا : زيد ليس في حال الانقضاء بضارب ؛ مفيد لسلب الضاربية عن زيد في حال انقضاء المبدأ عنه ، فيكون إطلاق الضارب على زيد في هذا الحال مجازا ، فيثبت المطلوب.
(٢) أي : منع تقييد السلب «أيضا» أي : كمنع تقييد المسلوب ؛ لما عرفت من : عدم الدليل على رجوع القيد إلى السلب.