وخارجا ، فصدق الصفات مثل : العالم ، والقادر ، والرحيم ، والكريم ، إلى غير ذلك من صفات الكمال والجلال عليه تعالى ؛ على ما ذهب إليه أهل الحق من عينية صفاته ، يكون على الحقيقة ، فإن المبدأ فيها وإن كان عين ذاته تعالى خارجا ، إلّا إنه غير ذاته تعالى مفهوما.
ومنه (١) قد انقدح ما في الفصول ، من الالتزام بالنقل أو التجوز في ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى ، بناء على الحق من العينية ؛ لعدم المغايرة المعتبرة بالاتفاق ؛ وذلك لما عرفت : من كفاية المغايرة مفهوما ، ولا اتفاق على اعتبار غيرها ، إن لم نقل بحصول الاتفاق على عدم اعتباره كما لا يخفى ، وقد عرفت : ثبوت المغايرة كذلك بين الذات ومبادئ الصفات.
______________________________________________________
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه قد يستشكل في صحة حمل صفاته تعالى على ذاته المقدسة ؛ وذلك لانتفاء التغاير بينهما ، لأن صفاته تعالى هي عين الذات خارجا ، ومن هنا التزم صاحب الفصول «قدسسره» بالنقل في صفاته تعالى عن معانيها اللغوية أو التجوز.
وقد أجاب المصنف عن هذا الإشكال بما حاصله : من أن مناط صحة الحمل هو التغاير من جهة ، والاتحاد من جهة أخرى ، ومغايرة الموضوع والمحمول مفهوما أمر واضح ، وعليه : فلا يرد الإشكال في حمل صفاته الذاتية عليه تعالى ، ولا يلزم من إطلاقها عليه تعالى تجوّز ولا نقل أصلا ؛ لأن هذه الصفات وإن كانت عين ذاته تعالى ؛ لكنها مغايرة لها مفهوما ، والمغايرة المفهومية كافية في صحة الحمل.
(١) أي : ومما ذكرنا من كفاية المغايرة المفهومية بين المبدأ والذات ظهر : فساد ما في الفصول (١) ؛ من الالتزام بالنقل في ألفاظ الصفات الجارية عليه تعالى ؛ بأن يقال : إن هيئة العالم والقادر ونحوها من المشتقات في غير الله تعالى حقيقة في الذات المغايرة مع المبدأ ، وفي الله تعالى نقل منها إلى الذات المتحدة مع المبدأ ، أو الالتزام بالتجوز بأن يكون إطلاق العالم على الذات المتحدة مع المبدأ على نحو المجاز. فالعالم الذي يحمل على الله غير العالم المحمول علينا.
وكيف كان ؛ فإن صاحب الفصول بعد ما اشترط قيام مبدأ الاشتقاق بالموصوف في صدق المشتق قال : «وخالف في ذلك جماعة فلم يعتبروا قيام المبدأ في صدق المشتق ... إلى أن قال : وانتصر لهم بعض أفاضل المتأخرين ؛ بصدق العالم والقادر ونحوهما عليه
__________________
(١) الفصول الغروية ، ص ٦٢ ، س ٢٨.