والتحقيق : إنه لا ينبغي أن يرتاب من كان من أولي الألباب في : أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها (١) ، من التلبس بالمبدإ بنحو خاص على اختلاف أنحائه (٢) ؛ الناشئة من اختلاف المواد تارة ، واختلاف الهيئات (٣) أخرى ، من
______________________________________________________
صدوريا ، كما في «الضارب» و «المؤلم» و «الخالق» و «المتكلم» بالنسبة إلى الله تعالى ، بل هو في الممكن ـ أيضا ـ بهذا الاعتبار ؛ لا باعتبار كونه محلا له ، وقد يكون انتزاعيا ؛ بمعنى : أن الذات تكون منشأ لانتزاع المبدأ منها مفهوما مع كونه عينها وجودا ، وقد يكون انتزاعيا صرفا بحيث لا تحقق له وجودا ؛ بمعنى : أن الخارج ظرف لنفسه لا لوجوده كما في الأوصاف الاعتبارية.
وأما مثل : «التامر» : فالتحقيق فيه أيضا تحقق التلبس ؛ لأن الذات بما هي ذات غير قابلة للاشتقاق ؛ فلا بد من إرادة المعنى الحدثي من المبدأ ليصح الاشتقاق ؛ مثل : أن يراد من التمر بيعه ، فعليه : يكون من قبيل القيام الصدوري ؛ كما في حاشية المشكيني. ثم قال : «هذا القول» أي : القول الرابع وهو مختار المصنف «هو الأقوى ؛ لأن المتبادر من المشتق عرفا هو المتلبس ، ولا إشكال في تحققه في جميع الموارد».
(١) أي : جري المشتق على الذات.
وحاصل التحقيق : أنه يعتبر في صدق المشتق على الذات وجريه عليها «من التلبس بالمبدإ» ، وقيامه بها ، غاية الأمر : أن التلبس يختلف ؛ فقد يكون بنحو الصدور كما في «الضارب» ، وقد يكون بنحو الوقوع فيه كما في «المقتل» ، وقد يكون بنحو الحلول كالمرض والجوع مثلا ، وقد يكون بنحو الوقوع نحو الممات مثلا.
وقد يكون بنحو انتزاع المبدأ عنه مفهوما واتحاده معه خارجا ؛ كما في العالم والقادر ونحوهما مما يجري عليه تعالى ، وقد يكون بنحو انتزاع المبدأ مع عدم تحقق إلّا لمنشا الانتزاع ، كما في الزوج والملك والرق ؛ ونحوها من العناوين التي كانت مباديها من الإضافات والاعتبارات التي لا تحقق لها في الخارج إلّا لمنشا انتزاعها ، ويكون من خارج المحمول في قبال المحمول بالضميمة ؛ وهي المبادئ المتأصلة التي لها وجود في الخارج حقيقة ولو في ضمن المعروض ؛ كالسواد والبياض والشجاعة والكرم ونحو ذلك.
(٢) أي : أنحاء التلبس وقد عرفت أقسامه.
(٣) أي : كاسمي الفاعل والمفعول وغيرها من المشتقات ، والاختلاف بين اسمي الفاعل والمفعول من حيث الهيئة واضح ؛ لأن مفاد الأول هو : صدور المبدأ من الذات ، ومفاد الثاني هو : وقوعه عليها.