القيام صدورا ، أو حلولا أو وقوعا عليه أو فيه ، أو انتزاعه عنه مفهوما مع اتحاده معه خارجا ، كما في صفاته تعالى ، على ما أشرنا إليه آنفا ، أو مع عدم تحقق إلّا للمنتزع عنه ؛ كما في الإضافات والاعتبارات التي لا تحقق لها ، ولا يكون بحذائها في الخارج شيء ، وتكون من الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة (١).
ففي صفاته الجارية عليه تعالى يكون المبدأ مغايرا له مفهوما ، وقائما به عينا ، لكنه (٢) بنحو من القيام ؛ لا بأن يكون هناك اثنينية (٣) وكان بحذائه (٤) غير الذات ، بل (٥) بنحو الاتحاد والعينية وكان ما بحذائه عين الذات ، وعدم اطلاع (٦) العرف على
______________________________________________________
(١) أي : قد حكى بعض من تلاميذ المصنف : أنه قال في درسه الشريف : «إن المراد بالخارج المحمول هو العارض الاعتباري كالزوجية ونحوها ، وبالمحمول بالضميمة : العارض المتأصل كالسواد والبياض ، ووجه تسمية الأول بالخارج المحمول هو : كونه خارجا عن الشيء ومحمولا عليه ، والثاني بالمحمول بالضميمة لكونه محمولا بضم ضميمة على شيء ؛ كحمل السواد على غيره فإنه لا يحمل عليه إلّا بضم ضميمة فيقال : الجسم ذو سواد».
(٢) أي : لكن القيام الذي يكون بنحو العينية نحو خاص من القيام ، وليس كسائر موارد قيام المبدأ بالذات ؛ مما يكون بينهما اثنينية كما ربما يكون المتبادر من قيام شيء بشيء التعدد والاثنينية.
(٣) أي : لا القيام المشهوري بأن يكون هناك اثنينية.
(٤) أي : ما بحذاء المبدأ ، وغرضه : بيان لازم الاثنينية وهو : كون ما بإزاء المبدأ غير الذات كصفات المخلوق ؛ فإن العلم فيهم هو الصورة الحاصلة مثلا ، وهي غير الذات القائمة بها تلك الصورة. كما في «منتهى الدراية ، ج ١ ، ص ٣٤٦».
(٥) قوله : «بل بنحو الاتحاد» تفسير لقوله : «بنحو من القيام» ؛ يعني : هذا القيام يكون بنحو الاتحاد والعينية بحيث يكون ما بحذاء المبدأ كالعلم والقدرة عين الذات.
(٦) قوله : «وعدم اطلاع العرف هذا التلبس» أي : التلبس بنحو العينية دفع للإشكال.
وحاصله : أن العرف لا يتفطنون لمثل هذا التلبس ؛ لأنه من الدقائق أي : كونه متلبسا بالعلم والقدرة بمعنى : أن ذاته تعالى منشأ أوصافه المغايرة معها مفهوما ، وعينيتها معها حقيقة ليكون العالم والقادر ونحوهما صادقة عليه تعالى حقيقة بلا تجوّز أصلا.
وحاصل الدفع : أن عدم اطلاعهم على مثل هذا التلبس لكونه من الأمور الخفية مما لا يضر بصدق الصفات عليه تعالى حقيقة ، لأن العرف إنما يكون مرجعا في تعيين