مثل هذا التلبس من الأمور الخفية لا يضر بصدقها عليه تعالى على نحو الحقيقة ؛ إذا كان لها مفهوم صادق عليه تعالى حقيقة ، ولو بتأمل وتعمّل من العقل ، والعرف إنما يكون مرجعا في تعيين المفاهيم ، لا في تطبيقها على مصاديقها.
وبالجملة : يكون مثل العالم والعادل وغيرهما ـ من الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره ـ جارية عليهما بمفهوم واحد ومعنى فارد ؛ وإن اختلفا فيما يعتبر في الجري من الاتحاد وكيفية التلبس بالمبدإ ، حيث إنه (١) بنحو العينية فيه تعالى ، وبنحو الحلول أو الصدور في غيره ، فلا وجه لما التزم به في الفصول ؛ من نقل الصفات الجارية عليه تعالى عما (٢) هي عليها من المعنى كما لا يخفى.
______________________________________________________
المفاهيم ، مثل : أن مفهوم المشتق ذات متلبس بالمبدإ لا في تطبيقها على المصاديق ، فإن التطبيق أمره بأيدينا ، فإذا رأينا أن العالم بمعناه العرفي ينطبق عليه تعالى لتلبسه بالعلم ـ ولو بنحو الانتزاع والعينية ـ كان صدقه عليه تعالى على نحو الحقيقة ؛ وإن لم يطلع العرف على هذا النحو من التلبس.
وبالجملة : لا فرق في الصفات الجارية عليه تعالى وعلى غيره من حيث المفهوم ، فإن العالم مثلا بما له من المفهوم يجري عليه «سبحانه وتعالى» وعلى غيره بوزان واحد ؛ «وان اختلفا فيما يعتبر في الجري من الاتحاد» فيه تعالى ، والتعدد والاثنينية في غيره ، وفي «كيفية التلبس بالمبدإ حيث إنه بنحو العينية فيه تعالى وبنحو الحلول أو الصدور في غيره».
قوله : «فلا وجه لما التزم به ...» إلخ متفرع على ما ذكره من كون صفاته تعالى كصفاتنا من غير تفاوت بينهما إلّا في كيفية التلبس والاتحاد ، فالعالم مثلا ـ بما له من المعنى ـ يحمل على الواجب والممكن ؛ من دون حاجة إلى تصرف فيه بنقل أو تجوّز إذا أطلق عليه تعالى ، كما توهمه صاحب الفصول.
(١) أي : التلبس بنحو العينية في الله تعالى ، وبنحو الحلول أو الصدور في غيره.
(٢) أي : عن المعنى الذي تكون الصفات عليه. قوله : «من المعنى» بيان لما في «عما». والأولى أن يقال : «من المعاني» ليوافق ضمير عليها ، أو يقال بتذكير الضمير في «عليها» أعني : عليه ؛ حتى تكون العبارة هكذا : عما هي عليه من المعنى.
وكيف كان ؛ فالتزم صاحب الفصول بالنقل أو التجوّز في الصفات الجارية عليه تعالى ، وغرضه من النقل هو : النقل في هيئات المشتقات ؛ وهي : الصفات الجارية عليه تعالى فهيئة العالم في غيره تعالى حقيقة في الذات المغايرة مع المبدأ ، وفيه «جل وعلا» قد نقلت إلى الذات المتحدة مع المبدأ.