كيف (١)؟ ولو كانت بغير معانيها العامة جارية عليه تعالى كانت صرف لقلقة اللسان ، وألفاظ بلا معنى ، فإن غير تلك المفاهيم العامة الجارية على غيره تعالى غير مفهوم ولا معلوم إلّا بما يقابلها ، ففي مثل ما إذا قلنا : «إنه تعالى عالم» ؛ إما أن نعني : أنه من ينكشف لديه الشيء فهو ذاك المعنى العام ، أو أنه مصداق لما يقابل ذاك المعنى فتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
______________________________________________________
والتزم صاحب الفصول بالنقل مع إن الأصل عدم النقل لوجهين :
الأول : عدم قيام المبدأ بالذات ، لأن المبدأ هو عين الذات المقدسة ، وذات الباري تعالى عين المبدأ ، فلا يعقل القيام ، مع إن قيام المحمول بالموضوع معتبر في الحمل.
الثاني : لعدم المغايرة بين المبدأ والذات المقدسة ؛ مع إن الحمل عبارة عن اتحاد الموضوع والمحمول من جهة ، وتغايرهما من جهة أخرى.
وحاصل الجواب : أنه يشترط في الحمل القيام سواء كان عينيا أم كان صدوريا أو غيرهما ، والقيام العيني موجود في حمل الصفات عليه تعالى. هذا هو الجواب عن الوجه الأول.
وأما عن الوجه الثاني : فلوجود المغايرة بين الذات المقدسة وبين المبدأ من حيث المفهوم ، وهذا المقدار من المغايرة كاف في صحة حمل المشتق عليه تعالى ، وفي كونه حقيقة فيه.
(١) أي : كيف يكون لما التزم به في الفصول وجه ، والحال : أنه لو كانت الصفات بغير معانيها العامة للواجب والممكن جارية عليه تعالى لزم أن تكون صرف لقلقة اللسان.
وحاصل اعتراض المصنف على الفصول : أن الصفات الجارية على البارى «جل وعلا» إن انسلخت عن معانيها العامة الشاملة للواجب والممكن ؛ لزم أحد المحذورين اللذين لا سبيل إلى الالتزام بهما.
توضيح ذلك : إما أن نريد من لفظ العالم في قولنا : «الله عالم» الذات التي ينكشف لديها الواقع ، فذاك هو المعنى العام للفظ العالم الذي يشمل علم الباري وعلم غيره. غاية الأمر : علم الباري «جل وعلا» يكون على النحو الأكمل ، وعلم غيره على النحو الأضعف.
وإما أن نريد من لفظ العالم في المثال المذكور : أن الله مصداق لوصف يقابل ذاك المعنى المذكور ، وهو انكشاف الواقع ، والمعنى الذي يقابله هو عدم انكشاف الواقع ، وهو عبارة أخرى عن الجهل بالواقع ، فتعالى عن ذاك علوا كبيرا.
وإما أن لا نريد من لفظ العالم شيئا معلوما لنا وهو : انكشاف الواقع ، فيكون التلفظ