.................................................................................................
______________________________________________________
وخلاصة الكلام : أن تعريف المصنف أولى من تعريف المشهور لوجهين :
الأول : تبديل لفظة العلم بالصناعة.
الثاني : أنه مشتمل على قوله : «أو التي ينتهي إليها في مقام العمل».
وأمّا وجه أولوية تبديل لفظة العلم بالصناعة فلأمرين :
الأول : أن علم الأصول كما سبق عبارة عن نفس المسائل والقواعد لا العلم بها.
الثاني : أنّ العلم هو إدراك فقط ، والإدراك وحده من دون التطبيق العملي لا يكفي لاستنباط الحكم الشرعي.
هذا بخلاف الصناعة فهي إدراك مع العمل على طبق ذلك الإدراك.
وأمّا وجه أولوية تعريف المصنف لاشتماله على الزيادة. فلانّ تعريف المشهور لا يشمل الأصول العملية ، ولا الظن الانسدادي على الحكومة. وتوضيح خروج الأصول العملية عن تعريف المشهور يتوقف على مقدمة وهي : أنّ الأصول العملية تنقسم إلى العقلية والشرعية. والعقلية على أقسام وهي : ١ ـ البراءة. ٢ ـ الاحتياط. ٣ ـ التخيير.
ثم العقلية بأقسامها ليست ممّا يستنبط بها الأحكام الشرعية ، بل هي إمّا مجرد تنجيز في مقام العمل كالاحتياط أي : حكم العقل بوجوب دفع العقاب المحتمل ، أو تعذير في مقام العمل كحكمه بقبح العقاب بلا بيان في البراءة العقلية وحكمه بالتخيير في الدوران بين المحذورين. وأمّا الأصول الشرعية فهي وظائف ظاهرية للمكلف الشاك في مقام العمل وليست مما يستنبط بها الأحكام الشرعية.
إذا عرفت هذه المقدمة فيتضح لك خروج الأصول العملية عن تعريف المشهور ، ودخولها في قول المصنف أعني : «أو التي ينتهي إليها في مقام العمل» ، فيكون تعريف المصنف جامعا.
وأمّا خروج الظن المطلق على الحكومة : فلأنّه لو تمت مقدمات الانسداد يحكم العقل بمتابعة مطلق الظن كان شأنه كالعلم مجرد التنجيز والتعذير لا الاستنباط ، هذا بخلاف القول بكشف مقدمات الانسداد عن حكم الشارع بحجيّة مطلق الظن ؛ إذ حينئذ يستنبط به الحكم الشرعي. فلا يلزم خروجه عن تعريف المشهور.
فإن قلت : لما ذا قال المصنف : إنّ الأولى هو تعريفه ، مع إنّ تعريف المشهور غير صحيح أصلا.
قلت : إنّ الأولوية يمكن أن تكون تعينية كالأولوية في قوله تعالى : (أُولُوا الْأَرْحامِ