الأولين (١) ، ولا يبعد دعوى كونه حقيقة في الطلب في الجملة والشيء. هذا بحسب العرف واللغة.
______________________________________________________
لكونها ناشئة عن اشتباه المصداق بالمفهوم ، فجعل ما هو المصداق لمعنى الأمر مفهوما له.
(١) أي : الطلب والشأن. وادعى صاحب الفصول : أن مادة الأمر موضوعة بوضعين فقط ، وضع للطلب ، وآخر للشأن ، ثم تبعه المصنف في تثنية المعنى والوضع ، ولكن خالفه في الوضع الثاني فادعى إنه لمعنى الشيء لا لمعنى الشأن حيث قال : «ولا يبعد دعوى كونه حقيقة في الطلب في الجملة والشيء» أي : لا الطلب مطلقا ولو كان ندبيا أو كان من السافل المستعلي ، بل لفظ الأمر حقيقة في خصوص الطلب الوجوبي الصادر من العالي ، كما سيأتي تحقيق ذلك في الجهتين الآتيتين. فيكون لفظ الأمر عند المصنف مشتركا بين معنيين : «الطلب والشيء» بالاشتراك اللفظي ، لا بالاشتراك المعنوي ، بأن يكون موضوعا للجامع بينهما. والدليل على ذلك : أن لفظ الأمر بمعنى الطلب يصح الاشتقاق منه ، ولا يصح الاشتقاق منه بمعنى : «الشيء».
ومن المعلوم : أن الاختلاف بالاشتقاق وعدمه دليل على تعدد الوضع هذا أولا.
وثانيا : أن «الأمر» بمعنى : الطلب يجمع على «أوامر» ، وبمعنى : الشيء على «أمور» ، واختلاف الجمع في المعنيين دليل على تعدد الوضع. وقيل في تفسير قوله : «في الطلب في الجملة» يعني : بلا تعيين كونه الوجوبي أو الأعم أو غير ذلك من الخصوصيات.
وكيف كان ؛ ففي مادة الأمر أربعة أقوال :
الأول : أنها مشترك لفظي في المعاني الكثيرة.
الثاني : أنها مشترك معنوي بين المعاني الكثيرة أي : موضوعة بوضع واحد للجامع بين هذه المعاني.
الثالث : أنها مشترك لفظي بين الطلب والشأن كما في الفصول ، أو بين الطلب والشيء كما يظهر من المصنف.
الرابع : أنها مختصة وموضوعة للطلب فقط ؛ كما يظهر من آخر كلام المصنف حيث قال : «كما لا يبعد أن يكون كذلك في المعنى الأول» ثم على تقدير اشتراك لفظ الأمر بين الطلب والشيء يكون المراد من الطلب هو : إظهار الإرادة بالقول المخصوص مثل صيغة ـ افعل ـ كما تأتي الإشارة إليه في كلام المصنف.
والشيء عام يشمل الأعيان كالماء والحنطة وغيرهما ، والصفات كالعلم والعدالة وغيرهما من الملكات ، والأفعال كالأخذ والإعطاء وغيرهما ، وعلى هذا المعنى العام : يكون كثير من المعاني المزبورة كالفعل العجيب والشأن والحادثة وغيرها من مصاديق الشيء ، وجزئياته.