وأما بحسب الاصطلاح : فقد نقل الاتفاق على أنه حقيقة في القول المخصوص ، ومجاز في غيره (١) ، ولا يخفى : أنه (٢) عليه لا يمكن منه الاشتقاق ، فإن معناه ـ حينئذ ـ لا يكون معنى حدثيّا ، مع أن الاشتقاقات منه ـ ظاهرا ـ تكون بذلك المعنى المصطلح عليه بينهم ، لا بالمعنى الآخر ، فتدبر (٣).
ويمكن (٤) أن يكون مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه (٥) تعبيرا عنه (٦) بما يدل عليه.
______________________________________________________
هذا بحسب العرف واللغة.
«وأما بحسب الاصطلاح» أي : اصطلاح الأصوليين : فقد نقل الاتفاق على أن لفظ الأمر حقيقة ثانوية في القول المخصوص وهو صيغة ـ افعل ـ ومجاز في غيره. هذا ما أشار إليه بقوله : «وأما بحسب الاصطلاح ...» إلخ أي : بحسب الاصطلاح المتداول في ألسنة الأصوليين.
(١) أي : مجاز في غير القول المخصوص.
(٢) أي : لا يخفى عليك : أن الأمر بناء على كونه حقيقة في القول المخصوص لا يصح منه الاشتقاق.
توضيح إيراد المصنف على المعنى الاصطلاحي للأمر يتوقف على مقدمة وهي : أن مبدأ الاشتقاق في المشتقات لا بد من أن يكون معنى حدثيّا قابلا للتصرف والتغيير ؛ فلا يصح الاشتقاق من معنى جامد.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه على هذا لا يكون معنى الأمر حدثيا ، بل يكون جامدا نظير الجملة والمفرد والكلمة والكلام ؛ فإنها غير قابلة لأن تشتق منها المشتقات ، فحينئذ لا يصح الاشتقاق من الأمر بالمعنى الاصطلاحي ، وهذا يتنافى مع ثبوت الاشتقاق منه الظاهر كونه بلحاظ ما له من المعنى المصطلح عندهم.
(٣) لعله إشارة إلى منع الظهور المزبور ، فيمكن تصحيح دعوى الاتفاق المذكور ، والالتزام بكون مبدأ الاشتقاق هو الأمر بمعنى آخر أو إشارة إلى أن لفظ الأمر المصطلح مصدر ؛ بمعنى : التلفظ بلفظ دال على الطلب من حيث صدوره عن المتكلم ، فيكون معنى لفظ الأمر معنى حدثيّا قابلا للاشتقاق منه.
(٤) أي : يمكن أن يكون مراد الأصوليين بالأمر هو الطلب بالقول ، فيكون معناه حدثيّا يصح الاشتقاق منه.
(٥) أي : ليس المراد من الأمر نفس القول المخصوص حتى لا يصح الاشتقاق منه كما عرفت.
(٦) أي : تعبيرا عن الطلب بما يدل عليه وهو القول المخصوص مجازا ؛ من باب