.................................................................................................
______________________________________________________
والإرادة والكراهة ، وكان نزاعهم نزاعا مذهبيا ، إذ كان مقصودهم إثبات أن القرآن الذي هو كلام الله حادث كما يقول به المعتزلة ، أو قديم كما يقول به الأشاعرة.
فما فهمه صاحب الحاشية من عنوان اتحاد الطلب والإرادة ، وزعم أنه مطرح أنظار الأشاعرة والعدلية بعيد جدا ، ويكون ناشئا من عدم تتبع تاريخ المسألة ، وما هو محط نظر المتنازعين ، أو من أن المنصرف عن لفظ الإرادة هي الإرادة الحقيقية ، ومن لفظ الطلب هو الطلب الإنشائي ؛ غفلة عن أن المراد من الاتحاد هو : اتحاد الطلب الإنشائي مع الإرادة الإنشائية ، والطلب الحقيقي مع الإرادة الحقيقية.
ومن هنا يعلم : أن ما ذكره المصنف من كلام طويل ، ثم زعم ما ذكره إصلاحا بين الأشاعرة والمعتزلة ، فجعل النزاع بينهما لفظيا لا يخلو عن إشكال.
وكيف كان ؛ فحاصل ما ذكره المصنف : أن لفظي الطلب والإرادة موضوعان بإزاء مفهوم واحد ، ولهذا المفهوم الواحد نحوان من الوجود : الوجود الحقيقي ؛ وهو وجوده في النفس ، والوجود الإنشائي ؛ وهو المنشأ بالصيغة ، فالطلب والإرادة متحدان في المفهوم ، والوجود الحقيقي ، والوجود الإنشائي.
غاية الأمر : أن لفظ الطلب ينصرف عند إطلاقه إلى وجوده الإنشائي ، ولفظ الإرادة ينصرف إلى وجودها الحقيقي ، وهذا لا يوجب المغايرة بين اللفظين في المفهوم. نعم ؛ وجود هذا المفهوم الواحد بالوجود الإنشائي ـ الذي ينصرف إليه لفظ الطلب ـ مغاير لوجوده الحقيقي ، الذي ينصرف إليه إطلاق لفظ الإرادة.
وعلى هذا يمكن أن يصلح بين الطرفين بأن يقال : إن مراد العدلية من الاتحاد : ما ذكرناه من اتحادهما في المفهوم ، وفي كلا الوجودين ، ومراد الأشاعرة من التغاير : ما ذكرناه من أن ما ينصرف إليه إطلاق لفظ الطلب ـ أعني : الوجود الإنشائي لهذا المفهوم ـ مغاير لما ينصرف إليه إطلاق لفظ الإرادة أعني : الوجود الحقيقي لهذا المفهوم. انتهى حاصل ما أفاده المصنف في المقام.
وفيه : أنه قد عرفت : أن نزاع الأشاعرة والعدلية ليس في أن لفظي الإرادة والطلب هل وضعا بإزاء مفهوم واحد ، أو يكون لكل منهما معنى غير ما للآخر ؛ إذ البحث على هذا لغوي مربوط بعلم اللغة ، بل النزاع بينهما في أنه هل يكون عند التكلم بالكلام اللفظي صفة قائمة بنفس المتكلم ؛ تكون منشأ للكلام اللفظي سوى العلم والإرادة والكراهة ، أو لا تكون في نفسه صفة وراء هذه الثلاثة؟ وعلى هذا يكون البحث كلاميا