فإذا عرفت المراد من حديث العينية والاتحاد (١) ، ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به حقيقة كفاية ، فلا يحتاج إلى مزيد بيان ، وإقامة برهان ؛ فإن (٢) الإنسان لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها يكون (٣) هو الطلب غيرها (٤) ، سوى ما هو مقدمة تحققها (٥) ، عند خطور الشيء والميل ، وهيجان الرغبة إليه ، والتصديق لفائدته ، وهو (٦) الجزم بدفع ما يوجب توقفه عن طلبه لأجلها.
______________________________________________________
(١) قد عرفت : أن المراد بالعينية والاتحاد هو اتحاد الطلب والإرادة ؛ مع وحدة الرتبة لا مع اختلافها. ثم أشار المصنف إلى الدليل لذلك بقوله : «ففي مراجعة الوجدان عند طلب شيء والأمر به حقيقة كفاية ...» إلخ.
وحاصل ما أفاده المصنف من استدلاله على إثبات اتحادهما بالبرهان الوجداني هو : أن الإنسان إذا راجع وجدانه عند طلب شيء ؛ لا يجد غير الإرادة القائمة بالنفس صفة أخرى قائمة بها تسمى بالطلب سوى مقدمات الإرادة ؛ وهي : تصور الشيء والعلم به ، والرغبة فيه والميل إليه ، وهيجان الرغبة إليه ، والتصديق العلمي أو الظني بفائدته ، فلا بد حينئذ من الالتزام باتحاد الطلب والإرادة ، ومجرد انصراف الطلب إلى الإنشائي عند إطلاقه ، وانصراف الإرادة إلى الحقيقية عند إطلاقها لا يوجب تغايرهما مفهوما وإنشاء وخارجا ؛ وإن نسب ذلك إلى بعض الإمامية والأشاعرة إلّا إن ذلك لعله نشأ من انصراف الطلب إلى الإنشائي ، وانصراف الإرادة إلى الحقيقية ، وقلنا : إن الانصراف لا يوجب التغاير.
(٢) أي : قوله : «فإن الإنسان لا يجد ...» إلخ ، بيان للوجدان الذي استدل به على اتحاد الطلب والإرادة.
(٣) الأولى تأنيث «يكون» ؛ لتأنيث مرجع الضمير وهي : «صفة أخرى».
(٤) أي : غير الإرادة. الظاهر : أنه لا حاجة إلى قوله : «غيرها» ؛ للاستغناء عنه بقوله : غير الإرادة. والمعنى : أننا لا نجد سوى الإرادة ومقدماتها صفة أخرى تسمى بالطلب.
(٥) أي : الإرادة. وأما مقدمات الإرادة فهي خمسة : الأولى : ما أشار إليه بقوله : «عند خطور الشيء» أي : العلم به. الثانية : التصديق بفائدته. الثالثة : الميل إليه. والرابعة والخامسة :
هيجان الرغبة إليه المنحل إلى الجزم والعزم في اصطلاحهم.
(٦) أي : ما هو مقدمة تحقق الإرادة عبارة عن «الجزم بدفع ما يوجب توقفه» أي : توقف المريد «عن طلبه» أي : عن طلب الشيء المراد «لأجلها» أي : لأجل فائدة ذلك