وبالجملة : لا يكاد يكون غير الصفات المعروفة (١) والإرادة هناك صفة أخرى قائمة بها (٢) يكون هو الطلب ، فلا محيص عن اتحاد الإرادة والطلب ، وأن يكون ذلك الشوق المؤكد ؛ المستتبع لتحريك العضلات في إرادة فعله بالمباشرة ، أو المستتبع لأمر عبيده به فيما لو أراده لا كذلك (٣) ، مسمى بالطلب والإرادة كما يعبر به تارة ، وبها أخرى ؛ كما لا يخفى.
______________________________________________________
الشيء ، فيكون قوله : «وهو الجزم» بيانا لقوله : «ما هو مقدمة تحققها» والمعنى : أن الجزم بدفع الأمور المانعة عن الطلب مقدمة للطلب ، لا أنه الطلب النفسي الذي يدعيه الأشعري.
(١) أي : مقدمات الإرادة لا تكون هناك صفة أخرى قائمة بالنفس حتى تكون هو الطلب غير الصفات النفسانية ؛ التي هي عبارة عن مقدمات الإرادة وغير نفس الإرادة.
وعلى هذا فلا بد من الالتزام باتحاد الإرادة والطلب ، وعن كون ذلك الشوق المؤكد المستتبع لتحريك عضلاته في الفعل المباشري ، والمستتبع لأمر عبيده في الفعل غير المباشري هو المسمى بالطلب والإرادة ، فيعبر عنه في الاصطلاح تارة : بالطلب. وأخرى : بالإرادة ، فالطلب والإرادة هما الشوق المؤكد ، وهو أمر وحداني.
قال السبزواري : إن الإرادة فينا شوق مؤكد ، يحصل عقيب داع هو إدراك الشيء الملائم إدراكا يقينيا أو ظنيا أو تخيليا ؛ موجبا لتحريك الأعضاء لأجل تحصيل ذلك الشيء.
وذكر في درر الفوائد ما حاصله : أن بيان مصداق الإرادة في الممكنات يحتاج إلى تفصيل ، فأول ما يحتاج إليه في الفعل الاختياري هو : العلم المسمى بالداعي ، ثم الشوق المؤكد نحو وجوده إن كان ملائما بطبع الفاعل المسمى بالإرادة ، ثم تصميم النفس نحو فعله بعد حصول التحير والتردد ؛ برفع التحير والبناء على إيجاده بترجيح جانب وجوده ومقتضيات وجوده على عدمه ، وهذا هو المسمى بالإجماع ، ثم حركة العضل ، فالفعل مترتب على حركة العضل ، بل هو نفس حركة العضل ، وعند تمام هذه المقدمات يقال : إنه فعل بالإرادة ، ويسمى هذا الفعل فعلا اختياريا ؛ لكونه مسبوقا بالإرادة والاختيار (١).
(٢) أي : بالنفس.
(٣) أي : بالمباشرة. فحاصل البرهان الوجداني على اتحاد الطلب والإرادة : إنه ليس في النفس إلّا صفة واحدة.
__________________
(١) درر الفوائد ، ج ١ ، ص ٨٠ ـ ٨١.