وكذا (١) الحال في سائر الصيغ الإنشائية ، والجمل الخبرية ، فإنه لا يكون غير الصفات المعروفة القائمة بالنفس من الترجي والتمني والعلم إلى غير ذلك ؛ صفة أخرى كانت قائمة بالنفس ، وقد دل اللفظ عليها ، كما قيل :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
______________________________________________________
(١) أي : الحال في سائر الصيغ الإنشائية والجمل الخبرية ؛ كالحال في الجمل الإنشائية الطلبية ؛ حيث ليس هناك صفة أخرى قائمة بالنفس حتى تسمى بالكلام النفسي ، ويسمى ذلك الكلام النفسي طلبا حقيقيا في خصوص الأوامر ، وكان ذلك الطلب الحقيقي منشأ للطلب الإنشائي ، وذلك الكلام النفسي منشأ للكلام اللفظي كما قيل :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
أي : ليس الأمر كذلك توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أن المتكلم إذا تكلم بكلام إنشائي أو إخباري ؛ فليس هناك إلّا الإرادة القائمة بالنفس ، ومضمون ذلك الكلام مثلا : أنّنا لا نجد في الجمل الإنشائية صفة نفسانية غير إنشاء التمني والترجي ، والطلب والدعاء ، والملكية ، والزوجية ، والحرية ونحوها مما يقبل الإنشاء.
ولا نجد في الجمل الخبرية ما عدا وقوع النسبة أو لا وقوعها شيئا آخر يسمى ذلك الشيء بالكلام النفسي.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا محيص عن اتحاد الطلب والإرادة ؛ إذ عرفت : أنه ليس هناك سوى الإرادة ؛ والعلم بمضمون الكلام صفة قائمة بنفس المتكلم حتى تسمى بالكلام النفسي.
فالمتحصل مما ذكرناه : أنّنا لا نجد بعد الفحص عما في النفس من الصفات صفة زائدة على الإرادة تسمى بالطلب في صيغ الأمر ، ليكون ذلك هو الكلام النفسي ، وكذلك في سائر الجمل الإنشائية والجمل الخبرية ؛ ففي جميع الجمل الإنشائية الطلبية وغيرها ، وكذا الجمل الخبرية لا توجد صفة زائدة على مضامينها تسمى بالكلام النفسي ؛ كما هو مفاد ما قيل من :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
فإن مقتضى هذا البيت هو : كون الكلام في الفؤاد ، وإنما اللفظ جعل دليلا عليه وحاكيا عنه ، ففي النفس صفة تسمى بالكلام النفسي.