وأنه ليس صفة أخرى قائمة بالنفس كانت كلاما نفسيا مدلولا للكلام اللفظي ، كما يقول به الأشاعرة ، إن (١) هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام (٢).
______________________________________________________
بالضرورة والوجدان ، فلا بد من القول بالكلام النفسي ، كي يكون مدلولا للكلام اللفظي.
وحاصل الدفع : أنه لا يلزم من إنكار الكلام النفسي ، ومن عدم كون هذه الصفات مدلولات للكلام اللفظي ؛ أن يكون الكلام اللفظي بلا حاك ، بل إنه حاك عن ثبوت النسبة أو نفيها بين الطرفين في الجمل الخبرية ، وعن المعاني الإنشائية في الجمل الإنشائية.
فالمتحصل مما ذكرنا : أن عدم تعقل صفة أخرى تكون كلاما نفسيا مدلولا للكلام اللفظي ؛ لا يستلزم كون الصفات الباطنية المعروفة مدلولات له ، بل مدلولاته النسبية الثبوتية والسلبية ، والطلب الإنشائي ، والتمني الإنشائي ، والترجي الإنشائي ، والتمليك الإنشائي وغيرها من المعاني الإنشائية.
(١) قوله : «إن هذه الصفات ...» إلخ خبر لليس في قوله : «لا يخفى إنه ليس غرض الأصحاب ...» إلخ. فمعنى العبارة حينئذ : إنه ليس غرض الأصحاب من نفي غير الصفات المشهورة : أن هذه الصفات المشهورة مدلولات للكلام الخبري والإنشائي ؛ حتى يقال : إنه على خلاف التحقيق ، بل غرضهم من ذلك هو : ردّ الأشاعرة القائلين بالكلام النفسي ؛ الذي هو صفة زائدة على الصفات المشهورة ؛ قالوا بذلك تصحيحا لكلامه تعالى حيث يطلق عليه سبحانه أنه متكلم وقالوا : بقدم كلامه تعالى ، وكونه قابلا لأن يكون مدلولا للكلام اللفظي.
(٢) أي : للكلام اللفظي. والوجه في عدم تعلق غرض الأصحاب والمعتزلة ـ بكون الصفات المشهورة مدلولات للكلام اللفظي ـ سواء كان خبريا أو إنشائيا هو : أنهم في مقام ردّ الأشاعرة القائلين بالكلام النفسي ؛ الذي هو صفة زائدة على الصفات المشهورة.
ومن المعلوم : أن الأصحاب والمعتزلة في غنى عن إثبات كون الصفات الأخر مدلولات للكلام اللفظي ؛ لأن ردّهم على الأشاعرة لا يتوقف على ذلك ، بل يتوقف على نفي صفة زائدة على الصفات النفسانية من العلم والإرادة والكراهة في القضايا الخبرية والإنشائية ، فإثبات كون مدلول الكلام ما ذا لا دخل له في الردّ المزبور ؛ إذ مقصودهم : نفي ما ادعاه الأشاعرة من ثبوت صفة زائدة على الصفات المشهورة ، كما في بعض الشروح.