.................................................................................................
______________________________________________________
والعذاب الأليم ، نعوذ بالله من سوء العاقبة والانحراف في العقيدة ، فانكسار رأس القلم كناية عن توقف القلم عن التحرير والكتابة عند هذه المسألة ، وقد قيل : إن المصنف قد دخل في شبهة الجبر من غير ملزم له ، ويا ليته لم يدخل فيها أو دخل وأدى حقها.
وكيف كان ؛ فما أفاده المصنف في هذا المقام لا يخلو عن إشكال ، بل فيه وجوه من الإشكال ، كما في «منتهى الدراية» ونكتفي بذكر بعض تلك الوجوه رعاية للاختصار :
الأول : أن الثواب والعقاب ـ على ما دلت عليه الآيات والروايات ـ جزاء من الله تعالى بالعمل الحسن والقبيح ، والثواب ـ على ما عرّفه المتكلمون ـ هو : النفع المستحق المقارن للتعظيم ، والعقاب هو : الضرر المستحق المقارن للاستخفاف ، ومع الجبر لا استحقاق لعدم كون الفعل اختياريا للعبد.
الثاني : أن الثواب والعقاب لو كانا ذاتيين للعمل لم يكن وجه لتوقيف العباد في مواقف الحساب للسؤال عنهم على ما صرح به في قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ،) الصافات : ٢٤.
الثالث : أن ذاتيتهما تنافي ما ورد من العفو عن بعض الذنوب بالشفاعة أو غيرها ؛ إذ لا معنى للعفو حينئذ.
الرابع : هو عدم انطباق حد الذاتي على السعادة والشقاوة ؛ اللتين يترتب عليهما الثواب والعقاب ، وأما الذاتي الإيساغوجي ـ وهو الجنس والفصل ـ فواضح. وأما الذاتي البرهاني ـ وهو ما ينتزع عن نفس الذات من دون حاجة إلى ضم ضميمة ، كإمكان الإنسان وغيره من الماهيات الإمكانية ـ فلوضوح : عدم كون السعادة والشقاوة كذلك ؛ لأنهما من الصفات العارضة للنفس كسائر الأوصاف النفسانية.
بقي الكلام في الخبر المعروف أعني : «السعيد سعيد في بطن أمه ...» إلخ فنقول : إن المراد بالسعيد والشقي في بطن الأم هو : علمه تعالى بكونه سعيدا أو شقيا وهو في بطن أمه ؛ كما هو مفاد الرواية عن ابن أبي عمير قال : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر «عليهماالسلام» عن معنى قول رسول الله «صلىاللهعليهوآله» : «الشقي شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه» قال : الشقي في علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء». البحار ج ٥ ، ص ٥٧ ، ح ١٠ ـ باب السعادة والشقاوة.
وأما الخبر الثاني : فالظاهر منه هو : تنزيل الناس منزلة المعادن ؛ في أنه كما تكون