المبحث الثاني :
في أن الصيغة (١) حقيقة في الوجوب أو في الندب ، أو فيهما ، أو في المشترك
______________________________________________________
٢ ـ رد المصنف على ما ذكره بعض علماء الأصول من أن لصيغة الأمر معان عديدة قد استعملت فيها ، وحاصل الرّد : أن هذا القول ـ كما ترى ـ غير مستقيم ؛ لأن الصيغة ما استعملت في واحد من تلك المعاني ، بل استعملت في إنشاء الطلب فقط. وما ذكر لها من المعاني ليست معان لها ، بل هي الدواعي لإنشاء الطلب ، وعليه : فالصيغة لم تستعمل إلّا في معنى واحد وهو إنشاء الطلب ، فادعاء : أن لصيغة الأمر معان عديدة قد استعملت فيها واضح البطلان.
٣ ـ أن لسائر الصيغ الإنشائية كصيغة الأمر معنى واحدا ؛ وهو إنشاء مفاهيمها. نعم ؛ تختلف الدواعي ، واختلافها لا يوجب تعددا في معانيها ، فحينئذ : لا وجه للالتزام بانسلاخ صيغها عن معانيها إذا وقعت في كلامه تعالى ؛ بتقريب : استحالة الاستفهام والتمني والترجي في حقه تعالى ، لاستلزامها الجهل أو العجز فيه تعالى ، فلا بد من انسلاخ هذه الصيغ عن معانيها لئلا يلزم المحذور المزبور ، لكن لا وجه لهذا الالتزام ؛ لأن الاستفهام بداع آخر كالتوبيخ والإنكار والتقرير لا يستلزم المحذور المذكور حتى نحتاج إلى الانسلاخ ، وكذلك التمني والترجي بداع آخر كالمحبوبية مثلا لا محذور فيه أصلا ؛ فلا وجه للالتزام بانسلاخ هذه الصيغ عن معانيها إذا وقعت في كلامه تعالى.
٤ ـ رأي المصنف «قدسسره» :
أن لصيغة الأمر معنى واحدا وهو إنشاء الطلب فقط ، وما ذكر لها من المعاني فهو من قبيل اشتباه الدواعي بالمعاني ، وكذلك سائر الصيغ الإنشائية لها معنى واحد وهو إنشاء مفاهيمها بها. وأما ما ذكر لها من المعاني فهو من قبيل الدواعي ؛ وقد عرفت غير مرة : إن اختلاف الدواعي لا يوجب تعددا في المعاني. انتهى الكلام في خلاصة البحث.
ما هو الموضوع له لصيغة الأمر؟
(١) لما فرغ المصنف عما استعملت الصيغة فيه من المعاني في المبحث الأول ، بدأ في بيان ما هو الموضوع له لصيغة الأمر ، فالفرق بين المبحثين : أن الأول ناظر إلى ما استعملت فيه الصيغة ، وهذا المبحث ناظر إلى ما هو الموضوع له لها. إلّا إن لازم كلام