تتمة :
بناء على القول بالفور (١) فهل قضية الأمر الإتيان فورا ففورا بحيث لو عصى لوجب عليه الإتيان به فورا أيضا ، في الزمان الثاني ، أو لا؟ وجهان : مبنيان على أن
______________________________________________________
أو إشارة إلى : أن استقلال العقل بالحسن لا يكفي في كون الأمر للإرشاد.
أو إشارة إلى : ضعف كون الملاك في إرشادية الأمر أن تكون المصلحة في نفس المادة ؛ إذ وجود المصلحة في المادة ، وترتب الخواص عليها أمر مشترك بين الإرشادية والمولوية ، ولا يختص بالأوامر الإرشادية. مثلا : لا فرق بين قول الشارع للمكلف : «صل» ، وبين قول الطبيب للمريض : اشرب الدواء ؛ لأن الصلاة لا تخلو عن المصلحة ، كما أن شرب الدواء فيه المصلحة فلا فرق بينهما من هذه الجهة ، فيحتمل أن يكون الأمر في الآيتين الشريفتين مولويا ؛ مع فرض وجود المصلحة في نفس المادة ، فلا يكون الضابط المذكور تماما.
وكيف كان ؛ فتوضيح الفرق بين إرشادية الأوامر والنواهي ومولويتهما لا يخلو عن فائدة فنقول : إن الفرق بينهما أن الأول : هو ما لا يترتب على موافقته ثواب ، ولا على مخالفته عقاب ، وهذا الفرق هو صريح الشيخ الأنصاري «قدسسره».
وقال غيره في الفرق بينهما : إن في الأوامر والنواهي المولوية إرادة للآمر وكراهة للناهي ؛ بمعنى : أن الآمر يريد الفعل المأمور به ويحبه ، والناهي يكره الفعل المنهي عنه ويبغضه ، ثم يتبعهما القرب والبعد ، والثواب والعقاب.
وأما في الأوامر والنواهي في الإرشادية : فلا تكون في نفس الآمر والناهي إرادة ولا كراهة ، ولا حب ولا بغض حتى يتبعهما القرب والبعد ، والثواب والعقاب مثل أوامر الطبيب ؛ فيأمر المريض بشرب الدواء ، وينهاه عن الترك بداعي الإرشاد إلى ما في الفعل من المنافع ، وإلى ما في الترك من المضار ، فإن شاء المريض وافقه ، وإن شاء خالفه ، وهذا الفرق شامل للفرق الأول فيكون أفضل منه.
ثم الأوامر في الآيات والروايات الواردة في المقام من هذا القبيل ؛ إذ لا يترتب الثواب والعقاب إلّا على موافقة الواقع ومخالفته ، لا على موافقة تلك الأوامر.
أما عدم ترتب الثواب على موافقتها : فلبداهة : أن فعل الصلاة طاعة ، ولكن لا يترتب عليه ثوابان ؛ ثواب أصل الصلاة ، وثواب إطاعة الصلاة.
هذا ملخص الكلام في الفرق بين الأوامر المولوية والإرشادية.
(١) ما ذكره المصنف في هذه التتمة متفرع على القول بدلالة صيغة الأمر على الفور.