وأنت خبير (١) : بأن نهوضها على التبعية واضح لا يكاد يخفى ، وإن كان نهوضها (٢) على أصل الملازمة لم يكن بهذه المثابة ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
صاحب المعالم في ردّ هذه الحجة في بحث الضد «إن هذه الحجة ـ على تقدير تسليمها ـ يكون دليلا على وجوب المقدمة في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حق النظر» (١).
وهذا الكلام من صاحب المعالم ظاهر في اشتراط وجوب المقدمة بإرادة ذيها ؛ بمعنى : أنه لو لم يرد المكلف فعل ذي المقدمة لم تجب المقدمة ، بل كان إيجابها لغوا ، لأن إيجابها إنما هو للتوصل ، ومع الصارف لا توصل قطعا.
وكيف كان ؛ فوجوب المقدمة مشروط بالإرادة وإن كان وجوب ذيها مطلقا ، فلا تبعية بين وجوبها ووجوب ذيها ، فيكون هذا على خلاف ما ذهب المصنف إليه من التبعية.
(١) هذا من المصنف ردّ على صاحب المعالم وحاصل الردّ : أن دلالة تلك الحجة على وجوب المقدمة والملازمة وإن لم تكن واضحة إلّا إن دلالتها على التبعية واضحة ؛ لأن الملاك والعلة التامة في وجوب المقدمة هو توقف ذيها عليها ؛ بحيث يمتنع وجوده بدون المقدمة ، وهذا الملاك مستمر سواء أراد الإتيان بالواجب أم لا ، فلا بد حينئذ من وحدة وجوبي المقدمة وذيها من حيث الإطلاق والاشتراط.
(٢) أي : وإن كان نهوض الحجة على أصل الملازمة بين وجوب المقدمة ، ووجوب ذيها لم يكن بهذه المثابة من الوضوح.
وكيف كان ؛ فنهوض الحجة على التبعية في الإطلاق والاشتراط أوضح من نهوضها على أصل الملازمة ، فما هو ظاهر كلام صاحب المعالم من : أن وجوب المقدمة مشروط بإرادة ذيها وليس تابعا لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط في غير محله ؛ لأن ملاك حكم العقل بوجوب المقدمة ، هو كون الشيء مقدمة ، ولا تكون إرادة ذي المقدمة سببا لحكم العقل بوجوب المقدمة ، ولا قصد التوصل علة لوجوبها عند العقل ، ولا ترتب ذي المقدمة عليها سببا لحكم العقل بوجوبها ؛ بل حكم العقل بوجوب المقدمة إنما يكون لأجل عنوان المقدمية ولأجل التوقف. هذا تمام الكلام في قول صاحب المعالم.
__________________
(١) معالم الدين ، ص ٢٠٠.