على طلبها ، فإنه ليس بأثر تمام المقدمات ، فضلا عن إحداها في غالب الواجبات ، فإن الواجب (١) ـ إلّا ما قلّ في الشرعيات والعرفيات ـ فعل اختياري ، يختار المكلف تارة : إتيانه بعد وجود تمام مقدماته ، وأخرى : عدم إتيانه ، فكيف يكون اختيار إتيانه غرضا من إيجاب كل واحدة من مقدماته ، مع عدم ترتبه على تمامها «عامتها في نسخة» ، فضلا عن كل واحدة منها؟
نعم (٢) ؛ فيما كان الواجب من الأفعال التسبيبية والتوليدية ، كان مترتبا لا محالة على تمام مقدماته ؛ لعدم تخلف المعلول عن علته.
______________________________________________________
(١) هذا تقريب لعدم كون الواجب أثرا للمقدمات في مقام الردّ على صاحب الفصول ، وحاصله : أن غالب الواجبات من الأفعال الاختيارية التي يأتي بها المكلف مباشرا ، ويكون زمامها بيده ، مثلا : أن المكلف والمأمور بشراء اللحم ـ بعد تمام المقدمات ـ يمكن أن يشتريه ، ويمكن أن لا يشتريه ؛ إذ لإرادة المكلف دخل في وجود الواجب ، فالواجب ليس قهري الترتب على مجموع المقدمات فضلا عن آحادها ، فكيف يكون ترتبه معتبرا في اتصافها بالوجوب؟
(٢) قوله : «نعم» استدراك على عدم معقولية كون ترتب الواجب على مقدمته غرضا من إيجابها ، وحاصله : أن الواجب إذا كان من الأفعال التسبيبية والتوليدية كان مترتبا على مقدماته ، ووجه ترتبه على جميع مقدماته هو : استحالة تخلف المعلول عن علته التامة ، فيختص كلام الفصول بمقدمات خصوص الواجبات التوليدية ، ولا يعم غيرها ، مع إن كلام الفصول يصرح بوجوب جميع أقسام المقدمة الموصلة ، وهذا التصريح ينافي الاختصاص المذكور.
وكيف كان ؛ فلا يترتب الواجب على مقدماته في غالب الواجبات التي يكون لإرادة المكلف دخل في وجودها ، كالصوم والصلاة والحج وغيرها.
نعم ؛ في الواجبات التي هي من المسببات التوليدية ، التي تكون المقدمة فيها علة تامة لوجودها ـ كالذكاة المترتبة على فري الأوداج ، والملكية والزوجية والحرية المترتبة على عقودها ـ يكون أثر المقدمة فيها بترتب ذيها عليها قهرا ، ولازم ذلك : اختصاص الوجوب بمقدمات الواجبات التوليدية بلا وجه ؛ لأن وجوب المقدمة الموصلة لا يختص بمقدمات الواجبات التوليدية. هذا ما أشار إليه بقوله : «ومن هنا قد انقدح ...» إلخ ، أي : هذا هو الوجه الثاني من الردّ على صاحب الفصول.
وحاصل هذا الردّ : أنه لو كان الواجب خصوص المقدمة الموصلة : فلا تتصف