واجب أنه أصلي أو تبعي ، فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي ، ويترتب عليه آثاره إذا فرض له أثر شرعي (في نسخة : آثار شرعية) ، كسائر الموضوعات المتقومة بأمور عدمية (١).
نعم (٢) ؛ لو كان التبعي أمرا وجوديا خاصا غير متقوم بعدمي (٣) ـ وإن كان يلزمه (٤) لما (٥) كان يثبت بها إلّا على القول بالأصل المثبت كما هو واضح ، فافهم (٦).
______________________________________________________
والآخر عدميا يمكن إحراز الجزء العدمي بالأصل ، إذا كان الجزء الوجودي محرزا بالوجدان.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لما كان الواجب التبعي بالمعنى الأول مركبا من جزءين : أحدهما : وجوبه المحرز وجدانا ، والآخر : عدم تعلق إرادة مستقلة به أمكن إجراء أصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به ؛ فيحصل المركب من الجزء الوجودي والعدمي ، ويثبت الواجب التبعي. هذا نظير موضوع الضمان المركب من الاستيلاء على مال الغير وعدم رضاء المالك به في كون الأول محرزا وجدانا ، والآخر : تعبدا بالأصل أعني : استصحاب عدم رضاء المالك ، فأصل الوجوب في المقام ثابت بالوجدان ، وتبعيته ثابت بالأصل.
(١) أي : كموضوع الضمان على ما عرفت ، وكانفعال الماء القليل ـ بناء على كون القلة أمرا عدميا ـ فإن موضوع انفعال الماء القليل ، وهو مركب من جزءين : أحدهما : وهو الماء محرز بالوجدان ، والآخر : أعني : القلة محرز بالأصل ، فإن الأصل عدم الكثرة.
(٢) استدراك على قوله : «فبأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة به يثبت أنه تبعي».
وحاصل الاستدراك : أن ما ذكر من : أن مقتضى الأصل هو : كون الواجب تبعيا إنما يتم إذا كان التبعي متقوما من أمر عدمي. وأما إذا كان التبعي نحوا من الإرادة ـ أعني : الإرادة التابعة لإرادة أخرى ، مقابلا للأصلي بمعنى : ما يكون مرادا بإرادة غير تابعة لإرادة أخرى ـ «لما كان يثبت بها» أي : بأصالة عدم تعلق إرادة مستقلة إلّا على القول بالأصل المثبت ؛ إذ حينئذ يكون تعلق إرادة غير مستقلة به من لوازم عدم تعلق إرادة مستقلة عقلا.
(٣) وهو : عدم تعلق إرادة مستقلة به.
(٤) أي : يلزم الأمر العدمي ؛ أعني : عدم تعلق إرادة مستقلة به.
(٥) جواب ـ لو ـ في قوله : «لو كان التبعي ...» إلخ.
(٦) لعله إشارة إلى عدم ثبوت التبعي بالأصل ولو على القول بالأصل المثبت ؛ لأن العدم ملازم للتبعي ، فهما متلازمان ، والقائل بالأصل المثبت لا يقول إلّا بترتب أثر اللازم ، لا أثر الملازم ، أو إشارة إلى : عدم جريان الأصل العملي في هذا المقام أصلا ؛ لعدم ترتب أثر شرعي عليه ، لأن الأثر مترتب على أصل الوجوب ، من دون دخل للأصلية والتبعية فيه ، والمفروض : هو العلم بأصل الوجوب.