حقيقة ، بل قد يكون صوريا امتحانا ، وربما يكون غير ذلك ، ومنع (١) كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدا واقعا وإن كان في محله ؛ إلّا إن إطلاق الأمر عليه ، إذا كانت هناك قرينة على أنه بداع آخر غير البعث توسعا ، مما بأس به أصلا ، كما لا يخفى.
وقد ظهر بذلك (٢) : حال ما ذكره الأعلام في المقام من النقض والإبرام وربما يقع
______________________________________________________
إنه لا يكاد ...» إلخ. فيكون المراد : أن أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه كقدرة العبد ـ التي هي شرط للأمر والمأمور به ـ هل يجوز أم لا؟
الثاني : أنه هل يجوز الأمر أي : إنشاؤه مع علم الآمر بعدم شرط فعليته أم لا؟ وقد أشار إليه المصنف بقوله : «نعم لو كان المراد ...» إلخ.
الثالث : أنه هل يجوز إنشاء الأمر وإن لم يكن الغرض منه إتيان المأمور به ، بل مصلحة أخرى من امتحان أو غيره أم لا؟ وقد أشار إليه المصنف بقوله : «وقد عرفت سابقا : أن داعي إنشاء الطلب ...» إلخ ، لكن مرجعه إلى الوجه الثاني ، ولذا لم يجعله المصنف وجها مستقلا ؛ إلّا إن الحق سقوط هذا البحث عن الاعتبار ـ بناء على ما هو الحق من كون الأحكام الشرعية من القضايا الحقيقية ـ لأنه بعد فرض رجوع جميع الشرائط إلى الموضوع سواء كانت شرعية كالبلوغ من الشرائط العامة والاستطاعة ونحوها من الشرائط الخاصة ، أم عقلية كالقدرة لا يتوجه أمر إلى عاجز حتى ينازع في صحته وعدمها.
نعم ؛ لهذا البحث مجال ـ بناء على كون الأحكام الشرعية من القضايا الخارجية ـ لأنه حينئذ يصح أن يقال : هل يجوز أمر العاجز عن إيجاد شيء بالإتيان به أم لا؟ كما في «منتهى الدراية ، ج ٢ ، ص ٥١٩».
(١) قوله : «ومنع كونه أمرا ...» إلخ دفع للتوهم.
وحاصل التوهم : أن الأمر المنشأ بغير داعي البعث الجدي ليس أمرا حقيقة ، فلا ينبغي جعل عنوان البحث في قولهم : «هل يجوز أمر الآمر ...» إلخ ؛ الأمر المنشأ بغير داعي البعث الجدي ، فمرجع هذا التوهم إلى الإشكال على تحرير محل النزاع على الوجه المزبور ، وهو جعل الأمر إنشائيا.
وحاصل الدفع : أن يقال : إن الأمر وإن كان كذلك إلّا إن إطلاق الأمر عليه توسعا لا بأس به ؛ إذا كانت هناك قرينة دلت على أن إنشاء الأمر إنما هو بداع آخر غير البعث الجدي.
(٢) يعني : ظهر بالذي ذكرناه في تحرير محل النزاع ـ من كون المراد من لفظ الأمر بعض مراتبه ـ «حال ما ذكره الأعلام ...» إلخ.