.................................................................................................
______________________________________________________
فالنهي عن الصوم فيه يكون لملازمة تركه لعنوان ذي مصلحة ، فلا يلزم اجتماع الأمر والنهي ؛ لأن متعلق الأمر شيء ومتعلق النهي شيء آخر.
٣. نعم ؛ يمكن أن يكون النهي محمولا على الإرشاد في كلا الوجهين ؛ بأن يكون إرشادا إلى رجحان مصلحة الترك من مصلحة الفعل إما لانطباق عنوان ذي مصلحة على الترك كما هو مقتضى الوجه الأول ، وإما لأجل ملازمة الترك لعنوان ذي مصلحة ، فيكون إسناد النهي إلى الترك على نحو الحقيقة ، فلا يندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي ؛ وذلك لعدم التنافي بين النهي الإرشادي والأمر المولوي ، فيكون حمل النهي على الإرشاد جوابا ثالثا عن القسم الأول.
وما يقال : إن أرجحية الترك توجب حزازة ومنقصة في الفعل ، فيكون الفعل مكروها بالكراهة المصطلحة فلا يكون الفعل صحيحا ، لأن الحزازة والمنقصة فيه مانعة عن صلاحية التقرب به ؛ فلا يصح ما سبق من أن الفعل يقع صحيحا ؛ مدفوع : بأن أرجحية الترك من الفعل لا توجب حزازة ولا منقصة فيه أصلا ، فإن الفعل في المقام على ما هو عليه من المصلحة ، فلذا يقع صحيحا.
٤. وأما القسم الثاني : فقد أجاب عنه المصنف بما يرجع إلى وجهين :
أحدهما : ما تقدم في القسم الأول طابق النعل بالنعل ؛ من كون النهي تنزيهيا متعلقا بعنوان ذي مصلحة ملازم للترك على التفصيل المتقدم.
وعلى كلا التقديرين : إما أن يكون النهي مولويا فتكون الكراهة بمعنى مرجوحية الفعل لا الكراهة المصطلحة ، أو إرشادا إلى رجحان الترك ومنقصة في الفعل ، فلا ينافي الأمر المولوي ، فلا يلزم إجماع أمر ونهي كما عرفت في القسم الأول فراجع.
نعم ؛ يمكن أن يكون النهي هنا إرشادا إلى ما لا نقصان فيه من سائر الأفراد ، ويكون أكثر ثوابا ، بمعنى : أن الطبيعة المأمور بها لها مقدار من المصلحة ، وتلك المصلحة تنقص وتزداد بحسب تشخصها بما له شدة الملاءمة وعدم الملاءمة ، فينقص ثوابها تارة ، ويزيد أخرى ، والنهي إرشادا إلى الإتيان بما هو أكثر ثوابا ، فيكون معنى الكراهة في العبادة ما هو أقل ثوابا ، وهذا مراد من فسر الكراهة في العبادة بكونها أقل ثوابا.
غاية الأمر : ليس الأقلية بالنسبة إلى عبادة أخرى ؛ بل الأقلية بالنسبة إلى فرد آخر من نفس الطبيعة.
فلا يرد حينئذ على هذا التفسير ما أورده صاحب الفصول من إشكالين ، وهما لزوم