فيما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره ، ويكون معاقبا عليه ، كما إذا كان ذلك بلا توقف عليه ، أو مع عدم الانحصار به ، ولا يكاد يجدي توقف انحصار التخلّص عن الحرام به لكونه بسوء الاختيار.
إن قلت (١) : كيف لا يجديه ، ومقدمة الواجب واجبة؟
قلت (٢) : إنّما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة ، ولذا لا يترشح الوجوب من الواجب إلا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة ، مع اشتراكهما في المقدميّة.
______________________________________________________
نفسية فالوجوب نفسي ، وإن كانت مقدمية فالوجوب غيري ، وكلتاهما مفقودتان في الخروج.
أمّا الأوّل : فلتوقف مصلحته النفسية على انطباق عنوان حسن شرعا عليه ، والعنوان المتصوّر انطباقه على الخروج ليس إلّا التخلّص عن الغصب الموجب لكونه ذا مصلحة نفسية ، وواجبا نفسيا ، وذلك لا يصلح لجعل الخروج معنونا بهذا العنوان ، حيث إن التخلّص عن الغصب عبارة عن تركه المتحقق بانتهاء الحركة الخروجية إلى الكون في خارج المغصوب ، فليس الخروج مصداقا للتخلّص حتى يكون محبوبا ، وواجبا ؛ بل هو مصداق للغصب المبغوض المحرم ، فلا مصلحة فيه حتى يكون واجبا نفسيا.
وأمّا الثاني : فلعدم كون الحركات الخروجية مقدمة للتخلّص والتخلية الواجبة حتى تتصف بالوجوب المقدمي ، بل الحركات الخروجيّة مقدمة للكون في خارج المكان المغصوب وهو ليس بواجب ؛ بل ملازم للواجب أعني : التخلية ، فالخروج ليس بواجب لا نفسيا ولا مقدميا ، بل هو باق على المبغوضية ، فيعاقب عليه لكون الاضطرار بسوء الاختيار وإن ارتفعت حرمته ؛ لأن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقابا. كما في هامش «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٥٢» مع تصرّف منّا بالتوضيح والاختصار.
(١) حاصل الإشكال على عدم وجوب الخروج مع انحصار التخلّص عن الحرام الواجب به : أنّ الخروج مقدمة للواجب ومقدمة الواجب واجبة فالخروج واجب ، فكيف يقال : إنّه لا يجدي انحصار التخلّص عن الحرام بالخروج في اتصافه بالوجوب الغيري مع إن مقدمة الواجب واجبة؟ فيكون الخروج واجبا ، هذا مضافا إلى أن وجوب المقدمة عقلي غير قابل للتخصيص ، فكيف يحكم بعدم وجوب الخروج مع إنه مقدمة للتخلّص الواجب؟
(٢) توضيح ما أفاده المصنف في الجواب : يتوقف على مقدمة : وهي بيان أقسام مقدمة الواجب وأحكامها ، وأما أقسامها فهي ثلاثة : فإنّها تارة : تكون منحصرة في المباح ، وأخرى : تكون منحصرة في الحرام. وثالثة : تكون غير منحصرة في أحدهما ؛ بأن