واشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز ؛ لعدم الملازمة بين التخصيص والمجازيّة ، كما يأتي توضيحه.
ولو سلّم ، فلا محذور فيه أصلا إذا كان بالقرينة كما لا يخفى.
______________________________________________________
وأما الثاني : فلعدم سلامة كل من الوجهين من الخلل والإشكال.
أما الخلل والإشكال في الوجه الأول : فقد أشار إليه بقوله : «مع إن تيقّن إرادته» أي الخصوص «لا يوجب اختصاص الوضع به» أي : بالخصوص.
وحاصل الإشكال : أنّ تيقّن إرادة الخصوص مجرد استحسان لا يصلح لإثبات اختصاص وضع الصيغة بالخصوص ؛ إذ لا اعتبار بالوجوه الاستحسانية التي لا تفيد إلا الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا. هذا مع إن إرادة العموم ليست نادرة حتى يلزم قلة الفائدة المترتبة على الوضع للعموم ، ويختص الوضع بالخصوص ، كما أشار إليه بقوله : «مع كون العموم كثيرا ما يراد» ، فلا ملازمة بين تيقّن إرادة الخصوص ، وبين وضع اللفظ له ، فالاستدلال بهذا التيقّن على الوضع للخصوص غير سديد.
وأما الإشكال المختص بالوجه الثاني : فقد أشار إليه بقوله : «واشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز».
وحاصل الإشكال : أن الاستدلال بهذا الوجه على وضع الصيغة للخصوص مبني على ثبوت الملازمة بين التخصيص والمجازية حتى يكون شيوع التخصيص ملازما لكثرة المجازات ، لكن هذه الملازمة ممنوعة ، لابتنائها على استعمال العموم في الخصوص حتى يكون مجازا ، وهو ممنوع جدّا ، إذ إرادة الخصوص إنما تكون من باب تعدد الدال والمدلول ، لا من باب الاستعمال العام في الخاص.
قوله : «لعدم الملازمة ..» إلخ تعليل لقوله : «لا يوجب كثرة المجاز» ، هذا مضافا إلى إشكال آخر على الوجه الثاني وهو : ما أشار إليه بقوله : «ولو سلّم فلا محذور فيه أصلا».
وحاصل هذا الإشكال : أنه لو سلمنا الملازمة بين التخصيص والمجازية فلا بأس بكثرة المجاز إذا كان مع القرينة ، على كثرة الاستعمالات المجازية.
وكيف كان ؛ فتحصّل مما أفاده المصنف من الإشكال على الوجهين اللذين استدل بهما على اختصاص الوضع بالخصوص : أنه يرد عليهما إشكال مشترك بينهما ، هو : أنه لا يصح الاستدلال بهما إلا مع الشك في الوضع للخصوص أو العموم ، ومع العلم بالوضع للعموم ـ كما هو المفروض ـ لا وجه للتمسك بهما ، لاختصاص الوضع بالخصوص. ويرد على الوجه الأول ما يختص به من الإشكال ، وعلى الوجه الثاني كذلك.