كأنّه (١) كان من رأس لا يعمّ الخاص ؛ كما كان كذلك (٢) حقيقة فيما كان الخاص
______________________________________________________
وحاصل التعليل : أنه في المخصص اللفظي قد ألقى السيد إلى عبده حجتين ، وهما العام والخاص ، ونسبة الفرد المشتبه إليهما متساوية ، ولا مرجّح لاحتمال فرديته لأحدهما بالخصوص ، فلا يصح التمسك بأحدهما لاندراجه تحته ، وهذا بخلاف المخصص اللبي ، فإن الحجة الملقاة من المولى واحدة وهي العام ، والقطع بعدم إرادة بعض أفراده ـ وهو العدوّ ـ حجة عقلية أجنبية عن الحجة الملقاة من السيد ، فالمخصص بحكم العقل هو العلم بالعداوة ، فمشكوك العداوة لا يندرج في الخاص ، بل هو داخل في العام ومحكوم بحكمه.
وكيف كان ؛ فظهور العام في العموم ، وكذا حجيته في المخصص اللبي لم ينثلما ؛ بل هما باقيان على حالهما ، بخلاف المخصص اللفظي ، فإن الفرد المشتبه غير معلوم الاندراج تحت العام أو الخاص ، ولذا لا يمكن إحرازه بشيء منهما.
(١) أي : كأن الملقى إلى العبد ـ وهو العام ـ لا يعم الخاص من رأس ؛ لسقوط حجية ظهوره في أفراد الخاص وإن كان نفس الظهور باقيا.
(٢) أي : لا يعم الخاص من رأس ، والضمير المستتر في «كان» راجع إلى العام ، يعني : لا يعم العام الخاص حقيقة لعدم انعقاد ظهور للعام في العموم في المخصص المتصل ، فالعام من أوّل الأمر لا يشير إلى الخاص المتصل ، وهذه التوضيحات مذكورة في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ٥٢٧» مع تصرّف ما.
قوله : «والقطع بعدم إرادة العدوّ لا يوجب انقطاع حجيته» إشارة إلى توهم ودفعه ، فأما التوهم ـ وهو عدم حجية العام في الفرد المشتبه بلا فرق بين كون العام المخصص بالمخصص اللبّي واللفظي ـ فيقال في تقريبه : العام مخصص بالقطع ، فيسقط عن الحجية في الفرد المشتبه ، كسقوطه عنها فيه عند تخصيصه بالمخصص اللفظي ، لأنّنا نعلم بعدم إرادة العدوّ في كلا الموردين ، فلا يجوز العمل بالعام فيهما.
وحاصل الدفع : أن المخصص اللبي وهو القطع لا يمنع عن حجية ظهور العام إلا في الأفراد التي علم انطباق الخاص عليها ، فهو في الأفراد المشتبه حجة بلا مانع ، إذ الخاص هو العلم ، والشاهد على كون العام حجة في الفرد الذي يحتمل انطباق الخاص اللبّي عليه هو : صحة مؤاخذة المولى على مخالفة العبد له في عدم إكرام بعض جيرانه باحتمال كونه عدوا للمولى ، وعدم صحة اعتذار العبد عن هذه المخالفة بمجرد احتمال العداوة ، فصحة مؤاخذة المولى وعدم صحة اعتذار العبد يشهدان بحجية العام في الفرد المشتبه ؛ إذ مخالفة غير الحجة لا توجب حسن المؤاخذة.