بل (١) يمكن أن يقال : إن قضية عمومه للمشكوك أنه ليس فردا لما علم بخروجه من حكمه بمفهومه ، فيقال : في مثل «لعن الله بني أميّة قاطبة» أن فلانا وإن شكّ في إيمانه يجوز لعنه لمكان العموم (٢) ، وكلّ من جاز لعنه لا يكون مؤمنا ، فينتج إنه ليس بمؤمن ، فتأمل جيدا (٣).
______________________________________________________
(١) غرضه هو : الترقي من إخراج المشتبه عن حكم الخاص بسبب التمسك بالعام إلى إخراجه عن موضوعه ومصداقيته له بأن يقال : إن العام في مثل : «لعن الله بني أمية قاطبة» يدل على جواز لعن من شك في إيمانه منهم ، ومن المعلوم : عدم جواز لعن المؤمن ، فلا بد أن يكون جائز اللعن غير مؤمن ، فالعام كاشف عن عدم كون الفرد المشتبه من أفراد الخاص وهو المؤمن ، فيصح تأليف قياس ينتج عدم كون المشتبه مصداقا للخاص ، بأن يقال : إن فلانا جاز لعنه ، وكل من جاز لعنه ليس بمؤمن ، ففلان ـ مشكوك الإيمان ـ ليس بمؤمن ، ويترتب عليه أحكام عدم فرديته للخاص.
والمتحصل : أنه قد استدل المصنف «قدسسره» على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فيما إذا كان المخصص لبيّا بوجوه :
١ ـ صحة مؤاخذة المولى عبده إذا لم يكرم واحد من جيرانه ، لاحتمال عداوته للمولى.
٢ ـ حسن عقوبته على مخالفته.
٣ ـ عدم صحة الاعتذار من العبد بمجرد احتمال العداوة.
(٢) أي : «لعن الله بني أمية قاطبة» فيقال : إن فلانا ـ كعمر بن عبد العزيز ـ وإن شك في إيمانه يجوز لعنه لمكان عموم جملة «لعن الله بني أمية قاطبة» أي جميعا ، ومن جاز لعنه فليس بمؤمن ، فينتج أن فلانا ليس بمؤمن وإلا لما جاز لعنه كما عرفت.
(٣) لعله إشارة إلى أنه لو علمنا وجود المؤمن فيهم لما جاز لعنه قطعا ، فلا يجوز التمسك بالعام في الفرد المشكوك إيمانه ؛ إذ بعد العلم بوجود مؤمن فيهم تنحصر حجية العام بما سوى المؤمن منهم ، فلا يستكشف حينئذ به أن الفرد المشكوك غير المؤمن حتى يجوز لعنه ، فلا فرق حينئذ بين المخصص اللفظي واللبّي في عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ؛ إلّا إن يقال : إن مجرد احتمال كون الفرد المشكوك من مصاديق الخاص غير كاف بعد جريان أصالة العموم ببناء العلماء في مشكوك الخروج.