تعلقه بالمعدومين ، كما صح تعلقه بالموجودين ، أم لا؟ أو في صحة المخاطبة معهم ؛ بل مع الغائبين عن مجلس الخطاب بالألفاظ الموضوعة للخطاب ، أو بنفس توجيه الكلام إليهم ، وعدم صحتها (١) ، أو في عموم الألفاظ الواقعة عقيب أداة الخطاب للغائبين ، بل المعدومين ، وعدم عمومها لهما بقرينة تلك الأداة.
ولا يخفى : أن النزاع على الوجهين الأولين يكون عقليا ، وعلى الوجه الأخير لغويا.
إذا عرفت هذا (٢) ، فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدوم عقلا (٣) ، بمعنى : بعثه ، أو زجره فعلا ، ضرورة : أنه (٤) بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقة ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلا من الموجود ضرورة ، نعم ؛ هو (٥) بمعنى مجرد إنشاء الطلب بلا بعث ولا زجر لا استحالة فيه أصلا ، فإنّ (٦) الإنشاء خفيف المئونة ، فالحكيم «تبارك
______________________________________________________
(١) أي : عدم صحة المخاطبة.
(٢) أي : ما ذكر من الوجوه الثلاثة المتصورة في محل النزاع.
(٣) هذا إشارة إلى الوجه الأول من الوجوه الثلاثة ، وحاصل كلامه فيه :
أنه لا ريب في عدم صحة تكليف المعدومين عقلا إن أريد بالتكليف البعث أو الزجر الفعليين ؛ لأن كلا من البعث والزجر إنما يكونان لإحداث الداعي إلى الفعل في البعث ، وإلى الترك في الزجر ، ومن المعلوم : عدم إمكان حصول هذا الداعي للمعدوم ، فيكون تكليف المعدوم ممتنعا.
(٤) أي : التكليف بهذا المعنى وهو البعث أو الزجر فعلا يستلزم الطلب الحقيقي من المعدوم ، وهو ممتنع.
والمتحصل : أنه لا يصح تعلق التكليف الفعلي بالمعدوم ؛ لأن التكليف الفعلي ـ بمعنى : بعثه أو زجره حين كونه معدوما ـ محال ، وذلك لعدم قابلية المعدوم للانبعاث والانزجار فعلا.
توضيح بعض العبارات طبقا لما في «منتهى الدراية».
(٥) أي : التكليف.
وحاصل هذا الاستدراك : أنه إن أريد بالتكليف مجرد إنشاء الطلب من غير فعلية بعث أو زجر ، فلا استحالة في تعلقه بالمعدومين ؛ لكونه صوريا كالتكاليف الامتحانية التي ليس فيها طلب حقيقي يوجب إحداث الداعي للمكلف إلى الفعل أو الترك.
(٦) تعليل لعدم الاستحالة ، توضيحه : أن الإنشاء المجرد عن الطلب الحقيقي لا يستلزم الطلب الفعلي حتى لا يصح تعلّقه بالمعدوم ؛ بل تتوقف صحة الإنشاء على غرض