.................................................................................................
______________________________________________________
مستفادان من مقدمات الحكمة ، فالإشكال على ترجيح النهي على الأمر في محله ؛ إذ ليست دلالة النهي أقوى من دلالة الأمر بعد كونهما بمقدمات الحكمة.
٤ ـ اللهم إلّا إن يقال : إنّنا لا نحتاج في إثبات إطلاق المتعلق إلى مقدمات الحكمة ؛ بل نفس النهي والنفي يكفي في إثبات إطلاق المتعلق ، وحينئذ : يكون النهي أقوى دلالة من الأمر.
توضيح ذلك : أنّ النهي في دلالته على العموم الشمولي مثل : لفظة «كل» في «كل رجل» ؛ حيث تدل على استيعاب جميع أفراد الرجل من غير حاجة إلى ملاحظة إطلاق مدخوله بمقدمات الحكمة ، فيكون النهي أقوى دلالة من الأمر فيقدم عليه.
«فتدبر» لعلّه إشارة إلى عدم تسليم ما ذكره بقوله : «اللهم إلّا أن يقال ...» الخ ، أو إشارة إلى الإشكال في إلحاق النهي والنفي بلفظ «كل» ، بأن يقال : إن قياس النهي والنفي بلفظ «كل» قياس مع الفارق فيكون باطلا.
٥ ـ الوجه الثاني من وجوه ترجيح النهي على الأمر هو : أن دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة ، وعليه : فترك الصلاة في المغصوب دفعا لمفسدة الغصب أولى من جلب المصلحة بفعلها ، ولازمه بطلان الصلاة ؛ لأنّ النهي في العبادات يقتضي فسادها.
أما اعتراض المحقق القمّي على هذا الترجيح ـ بعدم كلّية هذا الترجيح إذا كان الواجب معيّنا لا بدل له : فلا بد من ملاحظة الأهم من المفسدتين ؛ مفسدة ترك الواجب ومفسدة فعل الحرام ـ فمدفوع بما حاصله : من أنّ مقتضى تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها ليس إلّا ترتب المفسدة على فعل الحرام ، والمصلحة على فعل الواجب ، وعليه : فلا يدور الأمر في الواجب والحرام بين المفسدتين ؛ بل يدور الأمر بين المفسدة والمصلحة ، فيصح الترجيح بأنّ دفع المفسدة أولى من جلب المنفعة.
٦ ـ إيراد المصنف على هذا الوجه الثاني من الترجيح بوجوه :
١ ـ ما أشار إليه بقوله : «ولكن يرد عليه : أن الأولوية مطلقا ممنوعة» ، وخلاصة هذا الإشكال : أن الأولويّة في جميع موارد دوران الأمر بين دفع المفسدة وجلب المنفعة ممنوعة ؛ إذ ربّ واجب تكون مصلحته في غاية القوّة ، وحرام تكون مفسدته في غاية الضعف ، فلا شبهة حينئذ في تقديم الواجب على الحرام عند دوران الأمر بينهما.