العدل أو صفات الأئمّة أو صحّة النبوّة ، قالوا : روينا كذا ، ويروون في ذلك كلّه الأخبار ، وليس هذا طريق أصحاب الجملة ، وذلك أنّه ليس يمتنع أن يكون هؤلاء أصحاب الجملة وقد حصل لهم المعارف بالله ، غير أنّهم لمّا تعذّر عليهم إيراد الحجج في ذلك أحالوا على ما كان سهلا عليهم ، وليس يلزمهم أن يعلموا أنّ ذلك لا يصحّ أن يكون دليلا إلّا بعد أن يتقدّم منهم المعرفة بالله. وإنّما الواجب عليهم أن يكونوا عالمين ، وهم عالمون على الجملة كما قرّرنا ، فما يتفرّع عليه من الخطأ لا يوجب التكفير ولا التضليل.
وأمّا الفرق الذين أشار إليهم ، من الواقفيّة والفطحيّة وغير ذلك ، فعن ذلك جوابان».
____________________________________
إنّ هؤلاء ليسوا من أصحاب الجملة ؛ لأنهم إذا سألوا عن اصول الدين أجابوا عن طريق ذكر الروايات والاستدلال بها ، وليس هذا طريق أصحاب الجملة.
وحاصل ما يقال في الجواب : إنّه لا يمتنع أن يكون هؤلاء من أصحاب الجملة ، إلّا أنّهم لمّا لم يتمكّنوا من إقامة البراهين بالطريقة المقرّرة عند أهلها ، أجابوا بما كان سهلا عليهم من الاستدلال بالأخبار.
قوله : (وليس يلزمهم أن يعلموا أنّ ذلك لا يصح أن يكون دليلا إلّا بعد أن يتقدّم منهم المعرفة بالله) دفع لما يتوهّم من أنّه يجب على الأخباريين أن يعلموا بأنّ الاستدلال بالأخبار وإيرادها دليلا على المطلب ، لا يصح إلّا بعد معرفة الله سبحانه وسائر الامور الاعتقادية بالبراهين العقلية ؛ لأن الاستدلال بالدليل الشرعي على معرفة الشارع مستلزم للدور الباطل ، كما لا يخفى. فلا يجوز الاستدلال بالروايات لمعرفة اصول الدين.
وبيان دفع التوهّم المذكور هو أنّه لا يجب عليهم أن يعلموا عدم صحة الاستدلال بالدليل الشرعي ، إلّا بعد معرفة اصول الدين بالبرهان العقلي ، بل الواجب عليهم هو علمهم بها ، ولو على سبيل الجملة ، وهم عالمون بها كذلك.
(فما يتفرع عليه من الخطأ لا يوجب التكفير ولا التضليل) ، أي : وما يتفرع ويترتب على التمسّك بالأخبار من الخطأ ، وهو ترك تحصيل العلم بالنظر والبرهان ، لا يوجب الكفر ولا الفسق ، فتقبل رواياتهم ، وتكون حجّة.
(وأمّا الفرق الذين أشار إليهم ، من الواقفيّة والفطحيّة وغير ذلك) وقد أجاب عنهم بأحد وجهين :