قيل لهم : القرائن التي تقترن بالخبر وتدلّ على صحّته أشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد ، من الكتاب والسّنة والإجماع والتواتر ، ونحن نعلم أنّه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك لأنّها أكثر من أن تحصى ، لوجودها في كتبهم وتصانيفهم وفتاواهم ، وليس في جميعها يمكن الاستدلال بالقرائن ، لعدم ذكر ذلك في صريحه وفحواه أو دليله ومعناه ، ولا في السنّة المتواترة ، لعدم ذكر ذلك في أكثر الأحكام ، بل وجودها في مسائل
____________________________________
(قيل لهم : القرائن التي تقترن بالخبر ، وتدلّ على صحته أشياء مخصوصة نذكرها فيما بعد من الكتاب والسّنّة والإجماع والتواتر).
الظاهر أنّ ذكر التواتر بعد ذكر السّنّة غلط من الناسخ ، إذ التواتر داخل في السنّة ، وليس مقابلا لها ، بل ذكره الناسخ مكان العقل وهو خطأ ، وذلك لأنّ الشيخ الطوسي قدسسره ذكر فيما بعد في عداد القرائن الأدلّة الأربعة ، حيث قال في العدّة ـ على ما في بحر الفوائد ـ ما هذا خلاصته : والقرائن التي تدل على صحة الخبر ، وتوجب العلم أربعة أشياء :
منها : كونه موافقا لما اقتضاه العقل.
ومنها : أن يكون موافقا لنص الكتاب ؛ أمّا خصوصه أو عمومه أو دليله أو فحواه.
ومنها : أن يكون موافقا لما اجتمعت عليه الفرقة المحقّة.
فذكره الأدلّة الأربعة في عداد القرائن ، يكون أقوى شاهد على أنّ ذكر التواتر بدل العقل خطأ من الناسخ.
(ونحن نعلم أنّه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد ذلك) ، أي : اقتران أخبار الآحاد بالقرائن (لأنها) ، أي : المسائل ، كثيرة جدا بحيث لا يمكن الاستدلال بالقرائن فيها(لعدم ذكر ذلك) أي : جميع المسائل (في صريحه) أي : القرآن ، يعني : لم يدل عليه الكتاب بالمطابقة(وفحواه أو دليله ، ومعناه) أي : لعدم ذكر الجميع في مفهومه الموافق أو المخالف ، وسائر الدلالات كالدلالة الالتزامية أو الإشارة أو الاقتضائية.
والحاصل أنّ القرآن لا يدل على اقتران أخبار الآحاد بالقرينة ، لا بالمطابقة ولا بالتضمّن ، ولا بالمفهوم المخالف ، ولا بالالتزام ، فكيف يقال أنّها مقرونة بالقرينة؟
(ولا في السنّة المتواترة) أي : لعدم ذكر جميع المسائل في السنّة المتواترة ، إذ لم يوجد التواتر في أكثر الأحكام.