معدودة ، ولا في إجماع ، لوجود الاختلاف في ذلك ، فعلم أنّ دعوى القرائن في جميع ذلك دعوى محالة.
ومن ادّعى القرائن في جميع ما ذكرنا كان السبر بيننا وبينه ، بل كان معوّلا على ما يعلم ضرورة خلافه ، ومدّعيا لما يعلم من نفسه ضدّه ونقيضه. ومن قال عند ذلك : إنّي متى عدمت شيئا من القرائن ، حكمت بما كان يقتضيه العقل ، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام ، ولا يحكم فيها بشيء ورد الشرع به ، وهذا حدّ يرغب أهل العلم عنه ، ومن صار إليه لا يحسن مكالمته ، لأنّه يكون معوّلا على ما يعلم ضرورة من الشرع خلافه» انتهى.
ثمّ أخذ في الاستدلال ثانيا على جواز العمل بهذه الأخبار : «بأنّا وجدنا أصحابنا مختلفين
____________________________________
(ولا في إجماع) ، أي : لم يذكر جميع المسائل في إجماع (لوجود الاختلاف في ذلك) ، أي : في أكثر المسائل والأحكام.
ولم يكن في كل حكم حكم عقل مطابق لمضمون الخبر ، فتكون دعوى اقتران أخبار الآحاد بالقرائن في جميع المسائل مردودة ، بل محالة.
(ومن ادّعى القرائن في جميع ما ذكرنا كان السبر) ، أي : الامتحان والاستقراء(بيننا وبينه) حاكما ، والامتحان والاستقراء يحكم لنا على خلاف من ادّعاها بعد التأمل في المسائل.
(ومن قال عند ذلك : إني متى عدمت شيئا من القرائن ، حكمت بما كان يقتضيه العقل ، يلزمه أن يترك أكثر الأخبار وأكثر الأحكام).
فإنّ من قال بالعمل بالأخبار المحفوفة بالقرائن ، لا بدّ أن يقول عند عدم احتفافها بالقرائن بوجوب العمل بما يقتضيه العقل من البراءة ، فيلزمه أن يترك أكثر الأخبار ، ولا يحكم في أكثر المسائل بما ورد في الشرع ، لعدم كون هذه الأخبار في أكثر الأحكام محفوفة بالقرائن.
والرجوع إلى البراءة في موارد هذه الأخبار موجب للخروج عن الدين ، كما أشار إليه بقوله : (وهذا حدّ يرغب أهل العلم عنه) ، أي : يعرض أهل العلم عن هذا الحدّ لما ذكرنا.
(انتهى كلامه) في دعوى الإجماع على عمل الأصحاب بالخبر المجرّد عن القرينة ، (ثمّ أخذ في الاستدلال ثانيا) بما حاصله :