كيف ، وقد عرفت إنكاره للقرائن حتى لنفس المجمعين؟! ولو فرض كون الإجماع على العمل قرينة ، لكنّه غير حاصل في كلّ خبر ، بحيث يعلم أو يظنّ أنّ هذا الخبر بالخصوص ، وكذا ذاك وذاك ممّا اجمع على العمل به ، كما لا يخفى.
بل المراد الإجماع على الرجوع إليها ، والعمل بها بعد حصول الوثوق من الراوي أو
____________________________________
بقوله ، حيث قال : إنّ إجماع الأصحاب لا يصير قرينة على صحة هذه الأخبار بحيث تفيد العلم بصدورها ، حتى يكون قول الشيخ قدسسره موافقا لقول السيد قدسسره.
ولعلّ السيد الصدر لما رأى أنّ الشيخ والسيد قد عملا بهذه الأخبار المدوّنة ، فتوهّم بأنّهما عملا بها لأجل اقترانها بالقرائن العلمية ، ولم يتفطّن لاختلاف مناط العمل عندهما ، حيث يكون المناط عند الشيخ قدسسره هو إجماع الفرقة على العمل بها ، والسيد رحمهالله يدّعي احتفاف كل خبر بقرينة خاصة.
وبالجملة ، إنّ الشيخ قدسسره قد استدل بالإجماع العملي على جواز العمل بالخبر المجرّد عن القرينة ، ولم يدّع العلم بصحة هذه الأخبار بالإجماع المذكور ، والسيد يدّعي القطع بصحتها بالقرائن الخاصة ، فلا يمكن حصول التوافق بينهما أصلا.
(كيف ، وقد عرفت إنكاره للقرائن حتى لنفس المجمعين؟!) أي : إنّ الإجماع لم يكن قرينة على صحة هذه الأخبار ، كيف يكون قرينة وقد عرفت انكار الشيخ قدسسره وجود القرائن؟! حيث قال في كلامه السابق : ونحن نعلم أنّه ليس في جميع المسائل التي استعملوا فيها أخبار الآحاد احتفافها بالقرائن ، فليس عمل المجمعين بهذه الأخبار لاحتفافها بالقرائن ، حتى يكون إجماعهم على العمل بها قرينة عامة موجبة للعلم بصدورها.
وعلى (فرض كون الإجماع على العمل قرينة) على حجّية الخبر ، وكونه صادرا عن المعصوم عليهالسلام (لكنه) أي : الإجماع العملي (غير حاصل في كل خبر) بل : إنّما هو في بعض الأخبار فلا ينفع ، إذ المقصود هو جواز العمل بجميع هذه الأخبار المدوّنة لا ببعض دون بعض.
قوله : (بل المراد الإجماع على الرجوع إليها) دفع لما يتوهّم من أنّه إذا لم يتحقق الإجماع العملي من الفرقة المحقّة على هذه الأخبار ، فكيف ادّعى الشيخ قدسسره إجماعهم على العمل بها؟