نعم ، قد يتفق دعوى الإجماع بملاحظة قواعد الأصحاب ، والمسائل الاصوليّة لم تكن معنونة في كتبهم ، إنّما المعلوم من حالهم أنّهم عملوا بأخبار وطرحوا أخبارا.
فلعلّ وجه عملهم بما عملوا كونه متواترا أو محفوفا عندهم بخلاف ما طرحوا ، على ما يدّعيه السيّد قدسسره ، على ما صرّح به في كلامه المتقدّم من أنّ الأخبار المودعة في الكتب بطريق الآحاد متواترة أو محفوفة ، ونصّ في مقام آخر على أنّ معظم الأحكام يعلم بالضرورة والأخبار المعلومة.
ويحتمل كون الفارق بين ما عملوا وما طرحوا ، مع اشتراكهما في عدم التواتر والاحتفاف فقد شرط العمل في أحدهما دون الآخر ، على ما يدّعيه الشيخ قدسسره ، على ما صرّح به في كلامه المتقدّم من الجواب عن احتمال كون عملهم بالأخبار لاقترانها بالقرائن.
____________________________________
المسألة مع كونهما معاصرين خبيرين بأقوال الأصحاب بعيدة جدا.
فأجاب المصنّف رحمهالله عن هذا الإشكال بما حاصله : إنّه لا يبعد وقوع مثل هذا التدافع ، إذ قد وقع التدافع والاختلاف بينهما في بعض المسائل الفرعية ، مع أنّه لا ينبغي أن يقع الاختلاف بينهما فيها ، لأنها معنونة في الكتب الفتوائية بحيث يطّلع عليها من يراجع هذه الكتب.
والمفروض أنّهما خبيران بمذهب الأصحاب ، ومع ذلك قد وقع الاختلاف بينهما في بعض المسائل الفرعية ، فإذا كان حالهما في الفروع كذلك لا يستبعد تدافعهما في المسائل الاصولية التي لم تعنون في كتب الأصحاب بخصوصها في ذلك الزمان ، إذ لم يذكروا في كتبهم أنّه يجوز العمل بخبر الواحد ، أو لا يجوز العمل به (إنّما المعلوم من حالهم) هو الأمر المجمل ، وأنّهم كانوا عاملين بطائفة من الأخبار ، وتاركين طائفة منها.
فيحتمل أن يكون وجه عملهم تواتر ما عملوا به ، أو احتفافه بالقرينة كما توهّمه السيّد حيث يدّعي أنّ مناط عمل الأصحاب بهذه الأخبار هو التواتر ، أو الاحتفاف بالقرينة ، ولهذا أخذوا بالبعض وطرحوا البعض.
كما يحتمل الفارق بين ما عملوا أو ما طرحوا ، مع اشتراكهما في عدم التواتر وعدم الاقتران بالقرينة ، هو كون الراوي عادلا ضابطا أو ثقة كذلك ، فلذا عملوا بالبعض ، وطرحوا البعض كما يدّعيه الشيخ قدسسره (على ما صرّح به في كلامه المتقدّم من الجواب عن احتمال كون