والإنصاف أنّه لم يتّضح من كلام الشيخ دعوى الإجماع على أزيد من الخبر الموجب لسكون النفس ولو بمجرّد وثاقة الراوي وكونه سديدا في نقله لم يطعن في روايته.
ولعلّ هذا الوجه أحسن وجوه الجمع بين كلامي الشيخ والسيّد قدسسرهما ، خصوصا مع ملاحظة تصريح السيّد قدسسره في كلامه بأنّ أكثر الأخبار متواترة أو محفوفة ، وتصريح الشيخ قدسسره في كلامه المتقدّم بإنكار ذلك.
وممّن نقل الإجماع على حجّيّة أخبار الآحاد السيّد الجليل رضيّ الدين بن طاوس ، حيث قال في جملة كلام له يطعن فيه على السيّد قدسسره :
«ولا يكاد تعجّبي ينقضي كيف اشتبه عليه أنّ الشيعة تعمل بأخبار الآحاد فى الامور الشرعيّة ، ومن اطّلع على التواريخ والأخبار وشاهد عمل ذوى الاعتبار ، وجد المسلمين والمرتضى وعلماء الشيعة الماضين عاملين بأخبار الآحاد بغير شبهة عند العارفين ، كما ذكر محمّد بن الحسن الطوسي في كتاب العدّة ، وغيره من المشغولين بتصفّح أخبار الشيعة وغيرهم من المصنّفين» انتهى.
وفيه دلالة على أنّ غير الشيخ من العلماء ـ أيضا ـ ادّعى الإجماع على عمل الشيعة بأخبار الآحاد.
____________________________________
ولهذا يكون هذا الوجه الثالث أحسن الوجوه في الجمع بين إجماعيهما ، ولعلّ وجه كون هذا الوجه أحسن الوجوه هو أنّ هذا الجمع يحصل بالتصرّف في جانب العمل والقول معا ، فلا يكون مستلزما لترجيح أحدهما على الآخر ، بخلاف الجمعين السابقين ، حيث يكون التصرّف في جانب القول مستلزما لترجيح قول الشيخ وبالعكس.
(خصوصا مع ملاحظة تصريح السيّد قدسسره في كلامه بأنّ أكثر الأخبار متواترة أو محفوفة ، وتصريح الشيخ قدسسره في كلامه المتقدم بإنكار ذلك) ، فإنّ الجمع بين هذين التصريحين المتناقضين لا يمكن إلّا بالتصرّف في كلا التصريحين ، كما هو مقتضى الوجه الثالث من وجوه الجمع.
فهذا الوجه أحسن الوجوه مخصوصا بملاحظة التصريحين المذكورين.
(وممّن نقل الإجماع على حجّية أخبار الآحاد السيّد الجليل رضيّ الدين بن طاوس) ، لا السيد رضي الدين أخو السيد المرتضى قدسسرهما.