أيضا ، لأنّه حكم واقعي للواقعة المشكوك في حكمها ، وثانوي بالنسبة إلى ذلك الحكم المشكوك فيه ، لأنّ موضوع هذا الحكم الظاهري ـ وهي الواقعة المشكوك في حكمها ـ لا يتحقّق إلّا بعد تصوّر حكم نفس الواقعة والشك فيه.
مثلا : شرب التتن في نفسه له حكم ، فرضنا فيما نحن فيه شك المكلف فيه. فإذا فرضنا ورود حكم شرعي لهذا الفعل المشكوك الحكم كان هذا الحكم الوارد متأخرا طبعا عن ذلك المشكوك. فذلك الحكم حكم واقعي بقول مطلق ، وهذا الوارد ظاهري ، لكونه المعمول به في الظاهر ، وواقعي ثانوي ، لأنّه متأخر عن ذلك الحكم لتأخر موضوعه عنه ، ويسمّى الدليل الدالّ على هذا الحكم الظاهري أصلا.
وأمّا ما دلّ على الحكم الأول علما أو ظنا معتبرا ، فيختصّ باسم الدليل ، وقد يقيّد بالاجتهادي ، كما أنّ الأول قد يسمّى بالدليل مقيّدا بالفقاهتي. وهذان القيدان
____________________________________
الأمارة ، فيكون مؤدّاها حكما ظاهريا ، وبهذا ظهر أن الحكم الظاهري أعمّ من موارد الاصول ، ومؤدّيات الأمارات المعتبرة.
(ويطلق عليه الواقعي الثانوي أيضا).
يطلق على الحكم الظاهري الحكم الواقعي المقيّد بالثانوي أيضا ، أي : كما يطلق عليه الظاهري ، وهذا الفرق مبنيّ على ما ذكر من الفرق بين هذا الحكم الظاهري وبين الحكم الواقعي بحسب الموضوع ، وإلّا فكلاهما حكم واقعي.
غاية الأمر : إن الحكم الواقعي الأوّلي مجعول للشيء بعنوانه الأوّلي ، والواقعي الثانوي مجعول له بعنوان أنه مشكوك فيه ، فتكون مرتبة موضوعه متأخرة عن مرتبة الحكم الواقعي الأوّلي ، إذ لا بدّ من وجود حكم واقعي مجعول من قبل الشارع ولكن حصل الشك فيه لكي يتحقق موضوع الحكم الظاهري ، وبذلك يكون موضوع الحكم الظاهري متأخرا عن الحكم الواقعي ، وتبعا لذلك يتأخر نفس الحكم الظاهري عنه أيضا ، بتأخر كل حكم عن موضوعه ، بل يكون الحكم الظاهري متأخرا عن الواقعي بمرتبتين ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، لمّا كان الحكم الظاهري متأخرا عن الحكم الواقعي سمّي بالثانوي ، ليتميز عن الحكم الواقعي الأوّلي. هذا تمام الكلام في الفرق بينهما من جهة الموضوع.