وفي دلالتها تأمّل ظاهر.
ويرد على الكلّ أنّ غاية مدلولها عدم المؤاخذة على مخالفة النهي المجهول عند المكلّف لو فرض وجوده واقعا ، فلا ينافي ورود الدليل العامّ على وجوب اجتناب ما يحتمل التحريم. ومعلوم أنّ القائل بالاحتياط ووجوب الاجتناب لا يقول به إلّا عن دليل علمي.
____________________________________
الصادق على من رفض الدين اصولا وفروعا فيقال : إنّه ضلّ وشقي بعد إتمام الحجّة عليه ، وبالبيّنة مطلق بيان الحجّة ، وبالحياة مطلق الاهتداء والسعادة ، الصادق على من أخذ الإسلام اصولا وفروعا بعد بيان الحجّة.
فيكون معنى الآية ـ حينئذ ـ هو عدم شيء قبل البيان ، فقبل البيان لا ضلالة ولا مؤاخذة على ترك ما يجب بعد البيان أو فعل ما يحرم بعده ، وإلّا لم يكن معنى لتخصيص الضلال والاهتداء بما بعد البيان.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب دلالة الآية على البراءة.
(وفي دلالتها تأمّل ظاهر).
وذلك لأنّ الآية أجنبية عن المقام أصلا ، لأنّها راجعة إلى اصول الدين ، ويكون المراد بالبيّنة هي المعجزة الدالة على صدق نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله في دعوى النبوّة ، وبالهلاكة الكفر الذي يوجب الهلاك الدائم ، وبالحياة الإسلام والإيمان ، فيكون مفادها ـ حينئذ ـ أنّ الله تعالى أتمّ الحجّة على أهل بدر بالمعجزة الدالة على صدق رسوله ، وهي غلبة المسلمين مع قلتهم على الكافرين في غزوة بدر.
(لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ).
أي : ليكون كفر من كفر عن بيّنة وعلم ، لئلّا يكون لهم على الله حجّة ، ويكون إسلام من أسلم عن بيّنة وبرهان.
وبالجملة ، فإنّ الآية مختصّة باصول الدين ، ولا يجوز التعدّي منها إلى الفروع ، ثمّ منها ننتقل إلى موارد الشك والشبهة.
(ويرد على الكلّ ... إلى آخره).
ويرد على دلالة جميع ما ذكر من الآيات على البراءة بما حاصله :
إنّ الآيات تدل على البراءة وعدم المؤاخذة على الحكم مطلقا ـ واقعيا كان أو