إلّا أن يراد إثبات ظهورها ، من حيث إنّ حملها على خصوص المؤاخذة يوجب عدم التخصيص في عموم الأدلة المثبتة لآثار تلك الامور ، وحملها على العموم يوجب التخصيص فيها. فعموم تلك الأدلّة مبيّن لتلك الرواية ، فإنّ المخصّص إذا كان مجملا من جهة تردّده بين ما يوجب كثرة الخارج وبين ما يوجب قلّته ، كان عموم العامّ بالنسبة إلى التخصيص
____________________________________
أحدهما : إنّ الرجوع إلى المتيقّن إنّما يتمّ ويحسن بعد الاعتراف بإجمال الرواية ونحن لم نعترف بالإجمال.
وثانيهما : إنّ الرجوع إلى المتيقّن بعد تسليم إجمال الرواية إنّما يصحّ إذا كان دليلا لإثبات ظهور الرواية في المتيقّن ، وفي المقام لا ينفع الرجوع إلى المتيقّن لإثبات ظهورها في رفع خصوص المؤاخذة ؛ وذلك لأنّ ما يرجع إليه أصل عملي فيكون أجنبيا عن ظهور الرواية في رفع خصوص المؤاخذة.
ومنها : أي : ومن الامور الموهنة لإرادة العموم من حديث الرفع ما أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(إلّا أن يراد إثبات ظهورها من حيث إنّ حملها على خصوص المؤاخذة يوجب عدم التخصيص في عموم الأدلّة المثبتة لآثار تلك الامور ، وحملها على العموم يوجب التخصيص فيها ، فعموم تلك الأدلة مبيّن لتلك الرواية ...).
وتوضيح هذا الأمر الثاني الذي يوجب وهن إرادة العموم يحتاج إلى بيان مقدمة وهي :
إنّ الخاص الوارد بعد العام يكون على قسمين : منه مجمل ، ومنه مبيّن ، وحكم الثاني واضح لأنّه يخصّص العام من دون إشكال.
وأمّا الحكم في الأول فهو التمسّك بعموم العام لرفع اجمال المخصّص فيكون العام مبيّنا لإجمال الخاص ، كما إذا ورد من المولى لعبده : اكرم العلماء ، ثمّ ورد : لا تكرم فسّاقهم ، حيث يكون الفاسق مجملا لا يعلم المراد منه بأنّه هل هو مرتكب مطلق المعاصي صغيرة كانت أو كبيرة ، أو هو مرتكب المعاصي الكبيرة فقط؟
فعلى الأول يكون الخارج عن العموم أكثر ، وحينئذ يتمسك بعموم العام ، فيرفع به إجمال المخصّص ، ويقال : إنّ الخارج عن العام بالتخصيص هو مرتكب الكبائر ، فيبقى مرتكب المعاصي الصغيرة تحت العام.