تأكل الرمّان لأنّه حامض ، فيخصّصه بالأفراد الحامضة ، فيكون عدم التقييد في الرمّان لغلبة الحموضة فيه.
وقد توجب عموم المعلول وإن كان بحسب الدلالة اللفظيّة خاصّا ، كما في قول القائل : لا تشرب الأدوية التي تصفها لك النسوان ، أو إذا وصفت لك امرأة دواء فلا تشربه ؛ لأنّك لا تأمن ضرره.
فيدلّ على أنّ الحكم عامّ في كلّ دواء لا يؤمن ضرره من أي واصف كان ، ويكون
____________________________________
ثمّ التعليل في هذا المثال كما هو مخصّص كذلك يكون معمّما ؛ لأنه يتعدّى من الرمّان الحامض إلى كل حامض بحكم التعليل.
قوله : (فيكون عدم التقييد في الرمّان لغلبة الحموضة فيه ... إلى آخره) دفع للسؤال ، وهو : لما ذا لا يقال في المثال المذكور : لا تأكل الرمّان الحامض ليفيد التقييد بالوصف ما أفاده التعليل من الأول من دون تكلّف التخصيص بعد التعميم بالتعليل؟ فدفع هذا السؤال بقوله : فيكون عدم التقييد ... إلى آخره.
وحاصل الدفع أنّه لمّا كان الغالب في الرمان هو الحموضة بحيث يكون الحلو كالمعدوم ، وكان المتبادر في ذهن المخاطب من لفظ الرمان هو الحامض فقط كان التقييد بالوصف حينئذ لغوا وبلا فائدة إذ كانت فائدته هي الاحتراز عن الحلو ، والمفروض هو عدم وجوده أو قلّة وجوده ، والمتبادر من الإطلاق هو الحامض من دون حاجة إلى التقييد ، فيكون التقييد لغوا ، ولهذا ذكر التعليل ليكون مفيدا لما هو المطلوب بالصراحة من دون لزوم اللغوية كما لا يخفى.
ثمّ قد يكون تعليل الحكم معمما له وان كان الحكم بحسب الدلالة اللفظية خاصّا كما ذكر المصنّف رحمهالله مثالين :
أحدهما : للوصف كقول القائل : (لا تشرب الأدوية التي تصفها لك النسوان).
والثاني : للشرط كقول القائل : (إذا وصفت لك امرأة دواء فلا تشربه) ، ثمّ علّل الحكم بعدم جواز شرب الدواء في المثالين بقوله : (لأنّك لا تأمن ضرره) ، فيدل التعليل على العموم ، فيجب الاجتناب عن شرب كل ما لا يأمن ضرره (من أي واصف كان) ، أي : وإن كان الواصف من الرجال ، مع أنّ مقتضى المفهوم هو جواز شرب الأدوية التي يصفها