ويمكن أن يقال : إنّ المراد منه ما يعمّ الظهور العرفي الحاصل من الاطمئنان الذي هو مقابل الجهالة.
وهذا وإن كان يدفع الإيراد المذكور عن المفهوم من حيث رجوع الفرق بين الفاسق والعادل ـ في وجوب التبيّن ـ إلى أنّ الواقعي يحصل منه غالبا الاطمئنان المذكور بخلاف الفاسق ؛ فلهذا وجب فيه تحصيل الاطمئنان من الخارج ، لكنّك خبير بأنّ الاستدلال
____________________________________
إيراد التعارض بين المفهوم والتعليل يكون مبنيّا على أن يكون المراد من التبيّن هو التبيّن العلمي ـ أعني : تحصيل العلم ـ كما هو مقتضى الاشتقاق لأنّه مشتق من البيان بمعنى الكشف والوضوح ، فيكون المراد من الجهالة خلاف العلم الصادق على الاطمئنان.
وحينئذ يقع التعارض بين المفهوم والتعليل لأنّ مقتضى المفهوم هو عدم وجوب تحصيل العلم في خبر العادل ، ومقتضى التعليل هو وجوب تحصيل العلم في كل خبر غير علمي. فيأتي ما تقدّم من ترجيح جانب التعليل على المفهوم ، فيكون معنى الآية حينئذ : إن جاءكم فاسق بنبإ ، فيجب عليكم تحصيل العلم لئلّا تصيبوا قوما بجهالة ، أي : لئلّا تفعلوا بغير العلم فتندموا.
(ويمكن أن يقال : إنّ المراد منه ما يعمّ الظهور العرفي الحاصل من الاطمئنان ... إلى آخره).
هذا الكلام من المصنّف رحمهالله يرجع إلى ردّ التعارض بين المفهوم والتعليل ؛ لأنّ التعارض يكون مبنيا على أن يكون التبيّن بمعنى تحصيل العلم.
فيقول المصنّف رحمهالله : يمكن أن يكون المراد من التبيّن ما هو أعمّ من العلم الحقيقي الذي لا يحتمل النقيض ، والعلم العرفي المسمّى بالظهور العرفي الشامل للاطمئنان ، ثمّ إنّ المراد من الجهالة هو عدم الاطمئنان.
وحينئذ يكون مقتضى المفهوم عدم وجوب التبيّن في خبر العادل لكونه مفيدا للاطمئنان بنفسه ، ومقتضى التعليل هو وجوب التبيّن ، أعني : تحصيل الاطمئنان في خبر الفاسق الغير المفيد للاطمئنان بنفسه ، ولا يشمل خبر العادل حتى يعارض المفهوم.
فأوجب الله تعالى التبيّن في خبر الفاسق فقط ؛ لعدم كونه مفيدا للاطمئنان بنفسه ، فوجب فيه تحصيله من الخارج بالتبيّن ، فيكون معنى الآية الشريفة ـ حينئذ ـ : إن جاءكم