فمورد قاعدة دفع العقاب المحتمل هو ما ثبت العقاب فيه ببيان الشارع للتكليف فتردّد المكلّف به بين أمرين ، كما في الشبهة المحصورة وما يشبهها. هذا كلّه إن اريد بالضرر العقاب.
وإن اريد مضرّة اخرى غير العقاب التي لا يتوقّف ترتّبها على العلم ، فهو وإن كان محتملا لا يرتفع احتماله بقبح العقاب من غير بيان ، إلّا إنّ الشبهة من هذه الجهة موضوعيّة لا يجب الاحتياط فيها باعتراف الأخباريين.
____________________________________
فالمتحصّل ممّا ذكر أنّ قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل لا تكون واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، بل قاعدة قبح العقاب واردة عليها ؛ وذلك لعدم احتمال الضرر بعد حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان ، فمورد قاعدة دفع الضرر ليس الشك في التكليف بعد الفحص ، بل موردها هو إذا علم التكليف إجمالا ، كما إذا تردّد المكلّف به بين أمرين ، كالإناءين المشتبهين في الشبهة المحصورة الموضوعيّة ، والشك في وجوب الظهر أو الجمعة في الشبهة الحكميّة ، وقد أشار إليه المصنّف قدسسره بقوله :
(فمورد قاعدة دفع العقاب المحتمل هو ما ثبت العقاب فيه ببيان الشارع للتكليف ... إلى آخره).
هذا تمام الكلام فيما إذا كان المراد بالضرر هو العقاب الاخروي الذي يترتّب على العلم بالتكليف.
(وإن اريد مضرّة اخرى غير العقاب التي لا يتوقّف ترتّبها على العلم ، فهو وإن كان محتملا لا يرتفع احتماله بقبح العقاب من غير بيان ، إلّا أنّ الشبهة من هذه الجهة موضوعيّة لا يجب الاحتياط فيها باعتراف الأخباريين).
أي : إن اريد بقاعدة وجوب دفع الضرر مضرّة اخرى غير العقاب كالمضرّة الدنيويّة فهو ـ أي : الضرر الآخر ـ وإن كان محتملا ولا يرتفع احتماله بقبح العقاب بلا بيان ، لأنّ المرتفع به هو الضرر الاخروي بمعنى العقاب ، وبه لا تكون قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة دفع الضرر.
إلّا أنّ الإشكال يرد على قاعدة دفع الضرر من جهة اخرى : وهي أن الشبهة فيها موضوعيّة لا يجب الاحتياط فيها عند الأخباريين أيضا ، فتكون خارجة عن محلّ النزاع ؛