أداء الدّين المردّد بين الأقلّ والأكثر ، وقضاء الفوائت المردّدة. والاحتياط في مثل هذا غير لازم بالاتّفاق ، لأنّه شكّ في الوجوب. وعلى تقدير قولنا بوجوب الاحتياط في مورد الرواية وأمثاله ممّا ثبت التكليف فيه في الجملة ، لأجل هذه الصحيحة وغيرها ، لم يكن ما نحن فيه من الشبهة مماثلا له ، لعدم ثبوت التكليف فيه رأسا.
____________________________________
وثانيهما : هو دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، بأن لا يكون الأقل واجبا مستقلّا على تقدير وجوب الأكثر ، فلم يسقط التكليف بإتيانه لو كان الواجب في الواقع هو الأكثر ، كدوران أمر الصلاة الرباعيّة بين القصر والتمام ، فلو أتى بها قصرا وكان الواجب هو التمام ، لم يسقط الأمر بالصلاة أصلا ، ويرجع الشكّ فيه إلى الشكّ في المكلّف به ، وذلك لأنّ المكلّف لا يعلم متعلّق التكليف ، هل هو الأقل أو الأكثر؟ لأنّهما ـ حينئذ ـ من قبيل المتباينين.
إذا عرفت هذه المقدّمة يتضح لك أنّ أمر جزاء الصيد يدور بين الأقل والأكثر ، حيث لا يعلم أنّ الواجب هل هو نصف الجزاء أو نصفان؟ فإن قلنا : إنّه يكون من القسم الأوّل ، ويجري أصل البراءة بالنسبة إلى النصف الزائد ، لكون الشكّ في وجوبه شكّا في أصل التكليف وهو مجرى البراءة بالاتّفاق ، ولكون الشبهة شبهة وجوبيّة ، ولا يجب فيها الاحتياط بالاتّفاق ، كما أشار إليه بقوله :
(والاحتياط في مثل هذا غير لازم بالاتّفاق).
ولو فرضنا وجوب الاحتياط في مورد الرواية لأجل ثبوت التكليف بالعلم الإجمالي المستفاد من الصحيحة ، لا يجوز التعدّي عن مورد الرواية إلى ما نحن فيه ، وذلك لعدم كون المقام مماثلا لمورد الرواية ، وذلك لوجهين :
أحدهما : إنّ الشبهة في مورد الرواية وجوبيّة ، وفي المقام تحريميّة.
وثانيهما : هو ثبوت التكليف في مورد الرواية في الجملة بالعلم الإجمالي ، غاية الأمر ينحل العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقل ، والشكّ في أصل التكليف بالنسبة إلى الزائد ، فيجري أصل البراءة فيه ، وهذا بخلاف المقام ، حيث يكون الشكّ في أصل التكليف أصلا ، ولم يكن مقرونا بالعلم الإجمالي.
والحاصل أنّه لا يجوز التعدّي عن مورد الرواية على تقدير وجوب الاحتياط فيه إلى ما