والمراد من قوله : (بما شئت) ، ليس التعميم من حيث القلّة والكثرة والتفويض إلى مشيئة الشخص ، لأنّ هذا كلّه مناف لجعله بمنزلة الأخ ، بل المراد أنّ أيّ مرتبة من الاحتياط شئتها فهي في محلّها ، وليس هنا مرتبة من الاحتياط لا تستحسن بالنسبة إلى الدّين لأنّه بمنزلة الأخ الذي هو كذلك ، وليس بمنزلة سائر الامور لا يستحسن فيها بعض مراتب الاحتياط ، كالمال وما عدا الأخ من الرجال ، فهو بمنزلة قوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(١).
وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن سائر الأخبار المتقدّمة ، مع ضعف السند في الجميع.
نعم ، يظهر من المحقّق رحمهالله في المعارج اعتبار إسناد النبوي : (دع ما يريبك) (٢) ، حيث اقتصر في ردّه على : «أنّه خبر واحد لا يعوّل عليه في الاصول ، وأنّ إلزام المكلّف بالأثقل مظنّة الريبة».
____________________________________
وموارد استحبابه ، فلا بدّ ـ حينئذ ـ من حملها على القدر المشترك ، لئلّا يلزم التخصيص.
(والمراد من قوله عليهالسلام : (بما شئت) ليس التعميم من حيث القلّة والكثرة والتفويض إلى مشيئة الشخص).
أي : المراد(بما شئت) هو : ما استطعت ، لا التفويض إلى المشيئة ليكون مفادها : احتط لدينك بما تريد وتشاء ، فيكون الأمر ظاهرا في الاستحباب لكون التفويض منافيا لجعل الدّين بمنزلة الأخ في كمال المحافظة عليه ، بل يكون معناها احتط لدينك بما استطعت ، أي : بأيّ مرتبة من مراتب الاحتياط استطعتها.
(وممّا ذكرنا يظهر الجواب عن سائر الأخبار المتقدمة ... إلى آخره).
أي : وممّا ذكرنا في رواية الأمالي من حملها على القدر المشترك بين الوجوب والندب ، يظهر الجواب عن سائر الأخبار المذكورة ، فإنّها تحمل على الإرشاد المشترك بين الوجوب والندب ، أو الطلب المولوي المشترك كذلك ، هذا مضافا إلى ضعف سندها ، فلا تكون حجّة حتى يصحّ الاستدلال على وجوب الاحتياط.
__________________
(١) التغابن : ١٦.
(٢) كنز الفوائد ١ : ٣٥١. غوالي اللآلئ ١ : ٣٩٤ / ٤٠. الذكرى : ١٣٨. الوسائل ٢٧ : ١٧٣ ، أبواب صفات القاضي ، ب ١٢ ، ح ٦٣.