وما ذكره محلّ تأمّل ، لمنع كون المسألة اصوليّة ، ثمّ منع كون النبوي من أخبار الآحاد المجرّدة ، لأنّ مضمونه ـ وهو ترك الشبهة ـ يمكن دعوى تواتره ، ثمّ منع عدم اعتبار أخبار الآحاد في المسألة الاصوليّة. وما ذكره من : «أنّ إلزام المكلّف بالأثقل ... إلى آخره» ، فيه : إنّ الإلزام من هذا الأمر ، فلا ريبة فيه.
____________________________________
نعم ، قيل باعتبار النبوي من حيث السند ، وهو : (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقد أجاب عنه المحقّق قدسسره بوجهين :
أحدهما : إنّه خبر واحد لا يعوّل عليه في الاصول.
وثانيهما : إنّ في وجوب الاحتياط مظنّة الريبة ، لأنّ فيه إلزام المكلّف بالأثقل وهو فعل محتمل الوجوب وترك محتمل الحرمة لاحتمال عدم رضى الله تعالى بمشقّة عباده.
ويقول المصنّف قدسسره في ردّ ما أجاب به المحقّق قدسسره :
(وما ذكره محلّ تأمّل).
والتأمّل فيما ذكره المحقّق قدسسره يمكن أن يتصوّر من وجوه ، كما أشار إليها المصنّف قدسسره :
الأوّل : هو التأمّل في الوجه الأوّل من الجواب بوجوه :
الأوّل : منع كون مسألة وجوب الاحتياط اصولية حتى لا يجوز الاعتماد فيها على خبر الواحد ، بل هي من المسائل الفرعيّة ، لأنّ الاحتياط يكون من عوارض فعل المكلّف ، فيكون البحث فيه بحثا عن عوارض فعل المكلّف ، ومن المعلوم أنّ البحث عن عوارض فعل المكلّف من المسائل الفرعية لا الاصولية.
الثاني : منع كون النبوي من الأخبار الآحاد المجردة ، لأنّ مضمونه ـ وهو ترك الشبهة ـ يمكن دعوى تواتره.
والثالث : منع عدم اعتبار أخبار الآحاد في المسألة الاصولية ، نعم ، لا تعتبر في اصول الدين.
وأمّا التأمّل في الوجه الثاني من الجواب فقد أشار إليه بقوله :
(فيه : إنّ الإلزام من هذا الأمر ، فلا ريبة فيه).
أي : إن الإلزام بالأثقل ثابت من هذا الأمر ، وغيره ، فلا يبقى ريب في الإلزام إذا ثبت بالدليل.