ففي مثل تلك الصورة يجوز التمسّك بأنّ نفي ظهور دليل على حكم مخالف للأصل دليل على عدم ذلك الحكم في الواقع ـ إلى أن قال ـ : ولا يجوز التمسّك في غير المسألة المفروضة إلّا عند العامّة القائلين بأنه صلىاللهعليهوآله أظهر عند أصحابه كلّ ما جاء به وتوفّرت الدواعي على جهة واحدة على نشره وما خصّ صلىاللهعليهوآله أحدا بتعليم شيء لم يظهره عند غيره ، ولم يقع بعده ما اقتضى اختفاء ما جاء به» انتهى.
أقول : المراد بالدليل المصحّح للتكليف ـ حتى لا يلزم التكليف بما لا طريق للمكلّف إلى العلم به ـ هو ما تيسّر للمكلّف الوصول إليه والاستفادة منه. فلا فرق بين ما لم يكن في الواقع دليل شاف أصلا ، أو كان ولم يتمكّن المكلّف من الوصول إليه أو تمكّن
____________________________________
عهد أبي محمد العسكري عليهالسلام أربعمائة كتاب تسمّى الاصول ، لئلّا يحتاج الشيعة إلى ما سلك إليه العامّة من العمل بالقياس ، والاستحسانات العقليّة ، وليعمل بما في تلك الاصول في زمان الغيبة الكبرى إلى أن قال : ففي تلك الصورة يجوز التمسّك بالبراءة بأن يقال : إنّ نفي دليل على حكم مخالف للأصل في مسألة تعمّ بها البلوى دليل على عدم ذلك الحكم في الواقع.
ثم قال : ولا يجوز التمسّك به في غير مسألة تعمّ بها البلوى ، والوجه فيه : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد أودع أكثر الأحكام عند وصيه عليهالسلام على عقيدة الإماميّة ، ثمّ اختفى عنّا أكثر الأحكام بواسطة إخفاء الظالمين بعد أن غصبوا حقّ الوصي ، إلّا إن عند العامّة القائلين بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أظهر عند جميع أصحابه كلّ ما جاء به ممّا تعمّ به البلوى وغيره ، فيمتنع الاختفاء عادة على عقيدتهم ، فحينئذ يجوز التمسّك بالبراءة إذا لم يوجد دليل على الحكم من غير فرق بين ما يعمّ به البلوى ، وغيره. انتهى كلام المحدّث مع توضيح منّا وكلامه مذكور في المتن فراجع.
(أقول : المراد بالدليل المصحّح للتكليف ـ حتى لا يلزم التكليف بما لا طريق للمكلّف إلى العلم به ـ هو ما تيسّر للمكلّف الوصول إليه ... إلى آخره).
ومن هنا يبدأ المصنّف قدسسره في تحقيق كلام المحقّق قدسسره في المعارج ، وهذا الكلام منه تمهيدا لدفع توهّم التفصيل المذكور المنسوب إلى المحقّق قدسسره ، ثمّ يظهر من ردّ التفصيل المزبور ضعف ما زعمه المحدّث الاسترآبادي تحقيقا لكلام المحقّق في المعارج ، فنقول