المسألتين.
لكن هذا الوجه قد يأباه مقتضى أدلّتهم ، فلاحظ وتأمّل.
____________________________________
وحاصل هذا الجواب : إنّ مرادهم بتقديم الناقل على المقرّر قولا إنّما هو بملاحظة رجحانه مع قطع النظر عن أخبار التخيير في باب التعارض ، مثل ما يقال من : أنّ الأصل في الكلام هو التأسيس الذي يقتضي الأخذ بالناقل والحاظر ، وأمّا عملهم في الفروع بالتخيير أو الاحتياط فلأجل الأخبار الواردة في هذا الباب ، كمرفوعة زرارة مثلا ، فحينئذ لا تنافي بين القول والعمل.
ومنه يظهر الجواب عن الإيراد الثالث ـ أيضا ـ بأن يقال : إنّ ذهاب جماعة إلى التخيير كان بملاحظة الأخبار الواردة في باب التعارض ، فيكون التخيير بالأصل الثانوي.
هذا ويمكن الجواب عن الجميع بعدم صحّة النسبة المذكورة أصلا ، وأنّ المجتهدين بين قائل بتقديم ما يكون موافقا للأصل ، وقائل بالتوقّف ، أو التساقط والرجوع إلى الأصل ، أو التخيير بين الخبرين في أوّل الأمر ، أو دائما.
(لكن هذا الوجه قد يأباه مقتضى أدلّتهم).
أي : ما ذكر من الجواب الأوّل والثاني يكون منافيا لمقتضى أدلّتهم ، فإنّهم استدلّوا في المسألة الاولى على ترجيح الناقل بأنّ الأصل في الكلام هو التأسيس ، فلا يفرّق ـ حينئذ ـ بين كون الشبهة وجوبيّة أو تحريميّة ، فلا وجه لما ذكر في الجواب الأوّل من تخصيص الناقل بالشبهة الوجوبيّة ، والحاظر بالشبهة التحريميّة ، وأيضا استدلّوا على التخيير بأنّه مقتضى حجيّة الخبرين المتعارضين ، مع عدم إمكان العمل بهما معا ، فحينئذ يكون التخيير مقتضى الأصل الأولي ، ولم يستدلّوا على التخيير بالأخبار الواردة في باب التعارض ليكون بالأصل الثانوي الذي تقتضيه الأخبار ، ثمّ الرجوع إلى الاحتياط كان لأجل تساقط الخبرين لا لأجل الأخبار الواردة في هذا الباب ، فتنبّه!!.
* * *