التخويف ، فإنشاء التخويف مأخوذ فيه ، والحذر هو التخوّف الحاصل عقيب هذا التخويف ، الداعي إلى العمل بمقتضاه فعلا.
ومن المعلوم أنّ التخويف لا يجب إلّا على الوعّاظ في مقام الإيعاد على الامور التي يعلم المخاطبون بحكمها من الوجوب والحرمة ، كما يوعد على شرب الخمر وفعل الزنا وترك الصلاة ، أو على المرشدين في مقام إرشاد الجهّال. فالتخوّف لا يجب إلّا على المتّعظ والمسترشد ، ومن المعلوم أنّ تصديق الحاكي فيما يحكيه من لفظ الخبر الذي هو محلّ الكلام خارج عن الأمرين.
توضيح ذلك : أنّ المنذر إمّا أن ينذر ويخوّف على وجه الإفتاء ونقل ما هو مدلول الخبر باجتهاده ، وإمّا أن ينذر ويخوّف بلفظ الخبر حاكيا له عن الحجّة.
فالأوّل : كأن يقول : يا أيّها الناس! اتّقوا الله في شرب العصير ، فإنّ شربه يوجب المؤاخذة.
والثاني : كأن يقول في مقام التخويف : قال الإمام عليهالسلام : من شرب العصير فكأنما شرب الخمر.
أمّا الإنذار على الوجه الأوّل ، فلا يجب الحذر عقيبه إلّا على المقلّدين لهذا المفتي ، وأمّا الثاني فله جهتان : إحداهما جهة تخويف وإيعاد ، والثانية جهة حكاية قول الإمام عليهالسلام.
ومن المعلوم أنّ الجهة الاولى ترجع إلى الاجتهاد في معنى الحكاية ، فهي ليست حجّة إلّا على من هو مقلّد له ، إذ هو الذي يجب عليه التخوّف عند تخويفه.
____________________________________
العلم ، لكن لا تدلّ على وجوب العمل بالخبر من حيث إنه خبر ... إلى آخره) ومعنى الإيراد الثالث أنّ الآية لا تدل على حجّية الخبر بما هو خبر اصطلاحي ، وذلك ؛ لأنّ الله تعالى قال : (لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ، ولم يقل : ليخبروا قومهم لعلّهم يصدقون فيعملون ، ومحلّ الكلام هو الثاني ، أي : وجوب تصديق المخبر عند الإخبار ، لا الأول أي : وجوب الحذر عند الإنذار ، والآية إنّما تدل على وجوب الإنذار والحذر فقط.
ويتضح هذا الإيراد بعد بيان الفرق بين الإنذار والإخبار ، وهو أنّ معنى الإنذار : هو الإبلاغ مع التخويف ببيان العقوبة على المخالفة ، فالتخويف قد اخذ في مفهوم الإنذار.
ثمّ المراد من الحذر هو العمل بقول المنذر عقيب الإنذار متخوفا من الإنذار ، وهذا