وأمّا الجهة الثانية فهي التي تنفع المجتهد الآخر الذي يسمع منه هذه الحكاية لكن وظيفته مجرّد تصديقه في صدور هذا الكلام عن الإمام عليهالسلام ، وأمّا أنّ مدلوله متضمّن لما يوجب التحريم الموجب للخوف أو الكراهة ، فهو ممّا ليس فهم المنذر حجّة فيه بالنسبة إلى هذا المجتهد.
فالآية الدالّة على وجوب التخوّف عند تخويف المنذرين مختصّة بمن يجب عليه اتّباع المنذر في مضمون الحكاية وهو المقلّد له ، للإجماع على أنّه لا يجب على المجتهد التخوّف عند إنذار غيره. إنّما الكلام في أنّه هل يجب عليه تصديق غيره في الألفاظ والأصوات التي يحكيها عن المعصوم عليهالسلام أم لا؟ والآية لا تدلّ على وجوب ذلك على من لا يجب عليه التخوّف عند التخويف.
____________________________________
بخلاف الإخبار وهو نقل الراوي ما سمعه من الإمام عليهالسلام من دون إنذار ، بل ربّما ينقل مجرّد الألفاظ ولا يفهم المعنى لينذر به.
إذا عرفت هذا الفرق يتضح لك أنّ الإنذار بالمعنى المذكور إنّما هو وظيفة الواعظ والمفتي.
أمّا الواعظ فينذر الناس بامور مسلّمة في الدين ، ويخوّفهم من تركها ، ويقول : من ترك الصلاة فعليه كذا ، ومن شرب الخمر فعليه كذا.
وأمّا المفتي فيفتي لمقلّديه بما استنبطه من الواجبات والمحرّمات ، ويكون إفتاؤه بالأحكام إنذارا وتخويفا بالدلالة الالتزامية من العقاب على ترك الواجبات وفعل المحرّمات ، فيجب الحذر على مقلّديه لكون فتواه حجّة عليهم.
فالحاصل أنّ الآية أجنبية عن المقام ، ولا تدل على وجوب تصديق المخبر بالخبر المصطلح ، فلا ربط لها بباب نقل الروايات أصلا.
فإذا كان الراوي مجتهدا لكان لنقله جهتان : جهة إنذار وتخويف ، وجهة حكاية قول الإمام عليهالسلام ، فلا يكون نقله من الجهة الاولى حجّة إلّا لمقلّديه ، ونقله من الجهة الثانية لم يكن مشمولا للآية كما تقدّم تفصيله.
فالآية تدل على وجوب الاجتهاد ووجوب التقليد على العوام ، ولا تدل على وجوب العمل بالخبر أصلا ، كما أشار إليه ، بقوله :