فالحق أنّ الاستدلال بالآية على وجوب الاجتهاد كفاية ووجوب التقليد على العوامّ أولى من الاستدلال بها على وجوب العمل بالخبر.
وذكر شيخنا البهائىّ قدسسره ، في أوّل أربعينه (١) : «إنّ الاستدلال بالنبويّ المشهور : (من حفظ على امّتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما) ، على حجّية الخبر لا يقصر عن الاستدلال عليها بهذه الآية».
وكأنّ فيه إشارة إلى ضعف الاستدلال بها ، لأن الاستدلال بالحديث المذكور ضعيف جدّا ، كما سيجيء إن شاء الله عند ذكر الأخبار ، ولكن ظاهر الرواية المتقدّمة عن علل
____________________________________
(فالحق أنّ الاستدلال بالآية على وجوب الاجتهاد كفاية ووجوب التقليد على العوامّ اولى من الاستدلال بها على وجوب العمل بالخبر).
والجواب عن هذا الإشكال هو أنّ الآية كما تدل على حجّية قول الوعّاظ والفقهاء ، كذلك تدل على حجّية نقل الأخبار بنفس الملاك المذكور فيهما ؛ وهو شمولها للإبلاغ مع التخويف ، لأن نقل الأخبار ـ أيضا ـ إبلاغ مع التخويف الضّمني ، كفتوى الفقيه وإن لم يكن التخويف فيه بالصراحة كإنذار الواعظ.
فلا فرق بين نقل الرواية الدالة على وجوب شيء أو حرمته ، وبين فتوى الفقيه بوجوب شيء أو حرمته. فكما أنّ إفتاء المفتي بوجوب شيء إنذار ضمني بالعقاب على الترك ، وبحرمته إنذار ضمني على العقاب بالفعل ، كذلك نقل الرواية إنذار ضمني على الفعل أو الترك.
(وذكر شيخنا البهائي قدسسره في أول أربعينه : «إنّ الاستدلال بالنّبويّ المشهور : (من حفظ على امّتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة فقيها عالما) ، على حجّية الخبر لا يقصر عن الاستدلال عليها بهذه الآية» وكأنّ فيه إشارة إلى ضعف الاستدلال بها) فلا بدّ أولا من بيان الاستدلال ثمّ بيان الضعف.
وأمّا تقريب الاستدلال بالنبوي ، فلأن النبي صلىاللهعليهوآله قد مدح حافظ الحديث ، وهذا المدح يكشف عن حجّيّة نقل الحديث ، إذ لا أثر لحفظه فقط إذا لم يكن نقله حجّة ولم يقبل أحد
__________________
(١) الأربعون حديث (الشيخ البهائي) : ٦٢ ، نقلا عن الخصال ٢ : ٥٤١ / ١٥ ، وثواب الأعمال : ١٦٢ / ١ ، وفيهما :
(من امتي) مكان (على امتي).