يقتضيه الاحتياط التامّ بالنسبة إلى المخبر عنه ، فإن كان المخبر به ممّا يتعلّق بسوء حاله لا يؤذيه في الظاهر ، لكن يكون على حذر منه في الباطن ، كما كان هو مقتضى المصلحة في حكاية إسماعيل المتقدّمة (١).
ويؤيّد هذا المعنى : ما عن تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام (من أنّه يصدّق المؤمنين ؛ لأنّه صلىاللهعليهوآله كان رءوفا رحيما بالمؤمنين) (٢) ، فإنّ تعليل التصديق بالرأفة والرحمة على كافّة المؤمنين ينافي إرادة قبول قول أحدهم على الآخر ، بحيث يرتّب عليه آثاره وإن أنكر المخبر عنه وقوعه ، إذ مع الإنكار لا بدّ من تكذيب أحدهما ، وهو مناف لكونه أذن خير ورءوفا رحيما لجميع المؤمنين ، فتعيّن إرادة التصديق بالمعنى الذي ذكرنا.
ويؤيّده ـ أيضا ـ ما عن القمّي رحمهالله ، في سبب نزول الآية :
____________________________________
ومن القرائن : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قد جعل اذن خير لجميع الناس حتى المنافقين ، كما يقتضيه عموم الخطاب بقوله : (أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) ، وكون النبي صلىاللهعليهوآله اذن خير لجميع الناس لا يصح إلّا أن يكون المراد من التصديق التصديق الصوري ، وعلى فرض التصديق الحقيقي يكون اذن خير للمخبر فقط ، كما هو مبيّن في المتن تفصيلا بحيث لا يحتاج إلى البيان أصلا.
ومن القرائن : ما أشار إليه بقوله : (ويؤيّد هذا المعنى : ما عن تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام (من أنّه يصدّق المؤمنين لأنه صلىاللهعليهوآله كان رءوفا رحيما بالمؤمنين).
إذ كونه رءوفا بالمؤمنين جميعا لا يصح إلّا أن يكون المراد من التصديق هو التصديق الصوري الذي يرجع إلى حسن خلقه صلىاللهعليهوآله حيث يصدّق الناس بإظهار التصديق والقبول وعدم المبادرة إلى التكذيب.
وبالجملة ، إنّ كونه صلىاللهعليهوآله رأفة ورحمة للناس كافة يناسب التصديق الظاهري ، وينافي إرادة التصديق الحقيقي ، بأن يقبل النبي صلىاللهعليهوآله قول بعضهم على ضرر بعضهم الآخر.
ومن القرائن ما أشار إليه بقوله : (ويؤيّده ـ أيضا ـ ما عن القمي رحمهالله ، في سبب نزول الآية).
وممّا يؤيّد ما ذكر من أنّ المراد من التصديق هو التصديق الصوري الظاهري ما في
__________________
(١) انظر : ٣٠٩
(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٠١ / ٨٣ ، نقله باختلاف يسير.